أمراض القلب لدى النساء

هناك ميل للاعتقاد بأن أمراض القلب هي مسألة تخص الرجال- ولكن الحقيقة أن هذا غير صحيح مطلقا. من أسباب هذا الادعاء الجوانب الفريدة لأمراض القلب لدى النساء، بما في ذلك أن هناك فرصة أكبر لعدم الانتباه للنوبة القلبية لدى النساء. فكيف يمكن تشخيص أمراض القلب لدى النساء، وكيف يمكن تقليل خطر الإصابة بها؟

هناك أنواع مختلفة من أمراض القلب، بعضها أكثر شيوعًا وبعضها أقل. حاولنا في هذا المقال التركيز على المرض الأكثر شيوعًا في جميع أنحاء العالم، والمعروف باسم "مرض الشريان التاجي". يشمل هذا التعريف حالات احتشاء عضلة القلب (النوبة القلبية)، والذبحة الصدرية، وغيرها.
وعلى الرغم من أن هذه الأمراض تعتبر في كثير من الأحيان من أمراض الرجال، إلا أن العديد من النساء تعاني منها أيضًا. لدى مقارنة مختلف القضايا المتعلقة بأمراض القلب بين النساء والرجال، مثل الأعراض وعوامل الخطر وغيرها، يمكن ملاحظة وجود اختلافات بين الجنسين.
واحدة من الأمثلة على ذلك هي أن أمراض القلب لدى النساء في الكثير من المرات يتم الكشف عنها في مراحل متأخرة منها لدى الرجال. ولذا، فإننا ننصح بالتعرف على الفوارق بين النساء والرجال من ناحية الأعراض والظواهر المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية، من أجل تقليص الفروق بين الجنسين وتحسين الاهتمام بصحة الكثير من النساء.

ما المقصود بمرض الشرايين التاجية؟

يعد مرض الشريان التاجي من أكثر أمراض القلب شيوعًا. الشرايين التاجية هي الشرايين التي تغذي القلب نفسه، مما يتيح له تلقي إمدادات الدم بشكل مستمر.
لدى انسداد الشرايين التاجية، بسبب تصلب الشرايين مثلا، تصبح إمدادات الدم إلى القلب ضعيفة. إذا كان هناك انسداد كبير في واحد أو أكثر من الشرايين التاجية، فإن القلب لا يتلقى الدم والأكسجين اللازمين لأداء وظيفته. وتسمى هذه الحالة احتشاء عضلة القلب، أو "النوبة القلبية". الضرر الذي يحدث لأنسجة القلب هو الذي يسبب (في الغالب) أعراض الأزمة القلبية.

ما مدى انتشار أمراض القلب في صفوف النساء؟

تعد أمراض القلب شديدة الشيوع لدى النساء والرجال على حد سواء. وقد تُسبب هذه الأمراض معاناة حقيقية لدى المصابين بها، بما في ذلك ضعف الأداء الوظيفي والحياة اليومية. بالإضافة إلى ذلك، فهي سبب مهم للوفاة - في العقود الأخيرة، تعتبر أمراض القلب السبب الثاني الأكثر شيوعا للوفاة في البلاد( حيث إن السرطان هو السبب الأول)، لدى النساء والرجال على حد سواء.

ما هي عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب؟

تتشابه عوامل الخطر الأكثر أهمية للإصابة بأمراض القلب إلى حد كبير ما بين النساء والرجال. فأولا، يعد النساء والرجال الذين يعانون من أمراض مثل السكري وأمراض الكلى المزمنة والمصابين بتصلب الشرايين الأكثر عرضة للخطر. كما أن ارتفاع ضغط الدم والدهون الزائدة في الدم تعد أيضا من عوامل الخطر الكبيرة.
إلى ذلك فإن قلة (أو انعدام) ممارسة النشاط البدني، والتدخين، واستهلاك الكحول بصورة مفرطة، والغذاء الذي يحتوي على الكثير من الكربوهيدرات والمشروبات المحلاة، وقلة استهلاك الحبوب غير المقشورة، والبقوليات ، والخضروات، تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض مختلفة منها أمراض القلب.
من المهم أيضًا الإشارة إلى أن من أصيب أفراد أسرهم بأمراض القلب والأوعية الدموية في سن مبكرة معرضون أيضًا لخطر كبير، وفي بعض الأحيان يُنصح هؤلاء المرضى بالمتابعة بشكل متكرر أكثر، من أجل اكتشاف حالة المرض في وقت مبكر.

عوامل خطر فريدة خاصة بأمراض القلب لدى النساء

إلى جانب العوامل الهامة المذكورة أعلاه، هناك حالات خاصة تزيد من مخاطر الإصابة بمرض الشريان التاجي - السكتة القلبية أو احتشاء القلب لدى النساء.
علينا أولا أن نشير إلى أن أمراض القلب لدى النساء غالبا ما تبدأ في سن أكبر مقارنة بالرجال - بفارق يبلغ حوالي 10 سنوات في المتوسط. سبب ذلك هو أن النساء في سن الإنجاب (قبل انقطاع الطمث ) في معظم الحالات، تكون أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
بخلاف ذلك، هناك عدة عوامل خطر فريدة خاصة بالنساء، إلى جانب واحد من هذه العوامل يحمي النساء بالذات من أمراض القلب.

  1. الحمل والولادة: هناك عدد من الحالات المتعلقة بالحمل (والتي يتم تعريفها أحيانًا على أنها "الحمل المعرض للخطر") قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب لدى المرأة. على سبيل المثال، يمكن لحالات مثل ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، وسكري الحمل، وانفصال المشيمة، وغيرها، أن تزيد من خطر إصابة المرأة بالأمراض لاحقًا. وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل هؤلاء النساء يُنصحن في كثير من الأحيان بالخضوع للمتابعة الطبية حتى بعد الحمل.
  2. حالات هرمونية مختلفة: قد يؤدي تكيس المبايض وانقطاع الطمث في سن مبكرة (الدخول المبكر إلى سن اليأس) والعديد من الحالات الأخرى إلى زيادة خطر إصابة المرأة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
  3. سرطان الثدي: تشير الدراسات إلى أن النساء المصابات بسرطان الثدي أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وحتى اليوم، ليس من الواضح تماما ما هو السبب وراء ذلك، ولكن هناك عدة فرضيات. من الممكن أن تكون عوامل الخطر المشتركة لكلا المرضين "مسؤولة" عن هذه العلاقة بين المرضين، من ضمن أمور أخرى. كما أن هناك ادعاء بأن العلاجات المقدمة ضد السرطان قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
  4. العلاقة بين الرضاعة الطبيعية وأمراض القلب لدى النساء: نضيف إلى هذه القائمة بندا آخر مثيرا للاهتمام فالنساء اللاتي أرضعن أطفالهن يحمين صحتهن، لا صحة الطفل فقط. إذ كشفت الأبحاث أن الرضاعة الطبيعية تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بين النساء.

وبطبيعة الحال، هذا لا يعني أن التأثير الوقائي "يزيل" عوامل الخطر الأخرى التي ذكرناها، لكنه بالتأكيد عنصر مهم في الحفاظ على نمط حياة صحي.

ما هي الاختلافات في أعراض الأزمة القلبية بين النساء والرجال؟

إحدى القضايا المهمة المتعلقة بأمراض القلب لدى النساء هي أنه في كثير من الأحيان يمكنك رؤية اختلاف بين الجنسين من حيث علامات الإصابة بنوبة قلبية أثناء النوبة نفسها.
في معظم الأحيان، تكون أعراض الأزمة القلبية لدى النساء مشابهة للأعراض الكلاسيكية التي يعرفها الكثيرين، مثل الألم والشعور بالضغط في الصدر، وألم في اليد اليسرى (أحيانًا ينتشر هذا الألم إلى هذه المنطقة)، والآلام في الرقبة أو الظهر، بالإضافة إلى الغثيان والشعور بالضعف.
ومع ذلك، فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية من دون أن يعانين من الألم في الصدر على الإطلاق، وبدون علاقة للأمر بالأعراض الأخرى. قد تكون علامات الأزمة القلبية لدى النساء أخف - حيث تحدثت العديد من النساء اللواتي أصبن بالنوبة عن صعوبات في التنفس، والتعب، والتعرق، وأحيانا تكون هذه المشاعر مصحوبة بألم خفيف فقط. وهذا وصف مختلف عن الوصف الشائع والدرامي الذي يربطه الكثيرون بالنوبة القلبية.
وبسبب هذه الاختلافات، أثناء الإصابة بنوبة قلبية، تكون النساء أقل ملاحظة بوجود “خطأ ما"، وبالتالي تقل احتمالات طلبها للمساعدة الطبية . ونتيجة لذلك، قد تعاني النساء من معدل أعلى من المضاعفات بعد الأزمة القلبية، والتي كان من الممكن تجنبها لو تم تشخيص الأزمة القلبية في مرحلة مبكرة.

توقيت ظهور أعراض مرض الشريان التاجي عند النساء

بالإضافة إلى الفوارق بين الجنسين من ناحية الأعراض نفسها، فإن الرجال والنساء الذين واللواتي يعانون من مرض شريان تاجي خفيف، يمكن ملاحظة فارق في توقيت ظهور الأعراض لدى كل منهما.
في بعض الحالات، يشعر الأشخاص الذين يعانون من الذبحة الصدرية و/أو الأزمة القلبية بالأعراض أثناء النشاط البدني الشاق أو بعده مباشرة. أثناء النشاط، يحاول القلب بذل جهد أكبر لتوفير كمية كافية من الدم والأكسجين للجسم بأكمله. وعندما يبذل القلب جهداً أكبر، تحتاج عضلة القلب نفسها أيضاً إلى إمدادات دم مناسبة - كما ذكرنا - عن طريق الشرايين التاجية. ومع ذلك، إذا كانت هذه الشرايين مسدودة، فقد لا تتمكن من تزويد القلب بكمية الدم والأكسجين التي يحتاجها. وهكذا، في كثير من الأحيان، تظهر الأعراض أثناء قيام الشخص بنشاط شاق.
لكن هناك حالات، أكثر شيوعاً عند النساء، ظهرت فيها الأعراض فجأة، وليس خلال بذل المجهود. يمكن أن نلاحظ، لدى النساء، المزيد من الحالات التي كانت فيها المرأة في حالة راحة، أي أن القلب لم "يجبر" على بذل جهد كبير لتزويد بقية الجسم بالدم، أثناء معدل ضربات القلب المنخفض (البطيء).

كيف يمكن تشخيص الأزمة القلبية لدى النساء؟

أولاً، من أجل تشخيص الأزمة القلبية في الوقت المناسب لدى النساء، من المفيد معرفة الأعراض التي ذكرناها أعلاه. لأن معظم النساء في هذه الحالة سيشعرن، كما ذكرنا، بنفس الأعراض الشائعة عند الرجال، لكنهن قد يشعرن أيضًا بأعراض مختلفة قليلاً.
لذلك، من المهم أيضًا معرفة عوامل الخطر للإصابة بأمراض القلب، والتي قد تعزز اكتشاف أنك (أو سيدة أخرى قريبة منك) قد حصلت لك بنوبة قلبية.
في الحالات التي يكون هناك شك في أن الأعراض التي تشعر بها المرأة هي في الواقع نوبة قلبية، وتتطلب المساعدة الطبية، فإن الخطوة التالية هي إجراء تقييم يساعد في التشخيص وتحديد ما إذا كان ما يحصل هو نوبة قلبية أم لا.
يتضمن هذا التقييم عادة استجواب المريضة من قبل الفريق الطبي لفهم الأعراض التي تعاني منها المرأة، والفحص البدني، وتخطيط القلب الكهربائي (ECG)، كل ذلك قد يساعد في معظم الحالات في التشخيص.
إذا لم تتيح هذه الأدوات إمكانية إجراء تشخيص دقيق، فيُنصح أحيانًا بإجراء فحوصات أكثر تقدمًا لفهم الأعراض التي تعاني منها المريضة. قد تشمل هذه الاختبارات تخطيط صدى القلب (إيكو) ، ورسم خرائط القلب، واختبار الإجهاد، والقسطرة.

كيف نعالج النوبة القلبية؟

إذا تم تشخيص الإصابة بنوبة قلبية، فهناك العديد من العلاجات المقدمة في المستشفى من أجل التخفيف قدر الإمكان، وفي الوقت نفسه العمل على "فتح" الانسداد الحاصل.
قد يختلف اختيار توقيت العلاجات قليلاً بناء على الموقع الدقيق للانسداد في الشرايين التاجية، والشرايين المحددة التي تضررت، وعوامل أخرى - يتم أخذ هذه العوامل جميعًا بعين الاعتبار بشكل فردي ووقت حصول الأزمة من قبل الطاقم الطبي.
يشمل العلاج، في معظم الحالات، على تقديم الأكسجين والأدوية المختلفة، بما في ذلك علاج للألم وأحيانًا أيضًا أدوية تحافظ على معدل ضربات القلب منخفضًا - حتى لا يتسبب القلب بالإجهاد. بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا لاعتبارات مختلفة، سيتم تحديد علاج أكثر تطورا، مثل القسطرة أو الجراحة الالتفافية.

إعادة تأهيل القلب: خطوات التعافي بعد الإصابة بالنوبة القلبية

بعد تشخيص الإصابة بنوبة قلبية، وتلقي العلاج المناسب، يحتاج الجسم إلى فترة معينة من التكيف - وغالبًا ما يتطلب أيضًا تغييرات معينة في الحياة اليومية، من أجل تقليل خطر تكرر الأزمة القلبية.
في كثير من الأحيان يُنصح المرضى الذين أصيبوا بنوبة قلبية بالدخول في مرحلة إعادة التأهيل بعد تعرضهم لنوبة قلبية. يتمثل الهدف من إعادة التأهيل في إتاحة المجال للعودة التدريجية والمضبوطة إلى الحياة النشطة، وذلك في إطار يتضمن فريقًا محترفًا يمكنه تقديم المشورة والتكيف مع كل مريض بشأن البرنامج الأنسب له.
ونظرا لأن التغذية السليمة والنشاط البدني مهمان جدًا في الوقاية من تكرار نوبات القلب، فإن جزءًا كبيرًا من إعادة تأهيل القلب يتعلق أيضًا بتدريب ومرافقة المرضى في هذه المجالات.

كيف يمكن التقليل من مخاطر الإصابة بالنوبة القلبية؟

كما أشرنا أعلاه، فإن العادات اليومية تشكل واحدا من أهم مكونات تلافي مخاطر الإصابة بالنوبة القلبية.
إن الالتزام بنظام غذائي عالي الجودة غني بالبقوليات والحبوب الكاملة والخضروات والفواكه، وتجنب المنتجات التي تحتوي على نسبة عالية من السكر مثل المشروبات الغازية (الدايت أيضًا) والكعك والحلويات المختلفة، وكذلك تقليل استهلاك الوجبات الخفيفة والأطعمة المصنعة لقد ثبت مرارًا وتكرارًا أنه جزء أساسي من الحفاظ على الصحة بشكل عام، وصحة القلب بشكل خاص، لدى كل من النساء والرجال.
وبالمثل، فإن الحرص على ممارسة التمارين الرياضية عدة مرات في الأسبوع (خصوصا إذا تم تشخيصك بأنك مصابة بمرض القلب، بحسب التشخيص الطبي المقدم لك) يعد أمرا مهما للحفاظ على الصحة.
كما تجدر الإشارة إلى أن التدخين يشكل هو الآخر عامل خطر كبير للإصابة بأمراض القلب (بالإضافة إلى مخاطر الإصابة بالسرطان والأمراض الأخرى).
في حال كنت تدخنين، فإننا في لئوميت ندعوك إلى التشاور مع طبيب/ـة العائلة بشأن الموضوع. تتوفر اليوم علاجات مختلفة وأطر تخفف على عوارض الإقلاع عن التدخين، لكي تتاح لك حياة أفضل، وأكثر صحية ونظافة.

نظن أنك قد تكون مهتم