عن القمل

حين يحدث هذا للمرة الأولى نصاب بالصدمة. بالحرج. نشعر بأننا ملوثون. نبدأ اتصالاتنا الهاتفية إلى الجدة، إلى الصديقات. نركض نحو الصيدلية، نتزود بمعداتنا، ونعلن الحرب. في المرة الثانية نصير مقاتلين مخضرمين. نمارس الحرب على القمل وكأننا نقوم بأمر معروف لنا سلفا. نعرف من هو العدو الذي يقف أمامنا، نعرف كيف علينا أن نتصرف. في الجولة الثالثة نصير عديمي الاكتراث. لقد انتقل العدو للسكن في منزلنا، نحاول طرده، نلمح له بلطف أن يذهب، ولكننا نقاتله من دون اهتمام ومن دون طاقة. لقد أتت القملة، وهي لن ترحل من دون حرب.

تحول صراع الأهل ضد القمل منذ وقت بعيد لأمر اعتيادي. وقد تحولت حالتنا النفسية من الصدمة العميقة التي شعرنا بها في المرة الأولى، إلى نوع من القبول؟ هل بدأ الطفل بحك جلدة رأسه، نطلق زفرة هواء ونبدأ بالعمل. القمل هو ظاهرة منتشرة في البلاد، وهي منتشرة في جميع أرجاء البلاد، ولا علاقة لها بموضع السكن، ولا بالحالة الاقتصادية أو الدين أو الجنس. سيصاب نحو 75% من الأطفال بالقمل لمرة واحدة على الأقل في حياتهم، وتظهر الأبحاث أن ربع الأطفال في أية لحظة يعاني من القمل. ولأن الإصابة بالعدوى تأتي من تلامس رأس مع رأس مصاب، فما من عجب أننا نقوم طيلة الوقت بالتمشيط، وبالتطهير، وبالغلي، ولا زلنا نعاني من المشكلة رغم هذا كله.

ما هو القمل بالضبط؟

القمل هو نوع من الحشرات الطفيلية التي تتغذى على الدم من خلال جلدة رأس الإنسان. يصاب الأطفال بعدوى القمل في أعقاب التلامس المباشر للشعر أو في أعقاب استخدام الأمشاط وفراشي الشعر والقبعات وغيرها بشكل مشترك. وبعد أن ينتقل من رأس إلى آخر، يقوم بوضع بيضه في مواضع قريبا جدا من جلدة الرأس.

كيف يمكن التخلص من القمل؟

توجد في السوق عدة أدوية ضد القمل، إلا أن القمل قد طوّر قدرة على الصمود ضد بعض هذه الأدوية. إن المستحضرات التي على شاكلة البرمتين، البارابلوس والبريودرم هي مستحضرات ناجعة في تدمير القمل، وقد أجري مؤخرا بحث لم يتم تبنيه بعد، ينصح بإضافة مضادات حيوية كالـرسبريم إلى المستحضر لزيادة فعاليته. إن العلاج عادة ما يقتل القمل الحي، إلا أن ما بين 5-30% من بيض القمل يصمد ويفقس بعد نحو أسبوع، ولذا فإنه من المهم تكرار العلاج مرة أخرى بعد 7 إلى 10 أيام . وننصح بعد القيام بكل علاج بتمشيط الشعر بمشط القمل.
إلى جانب المستحضرات المختلفة، فإن الطريقة الأنجع للتخلص من القمل هي تمشيط الشعر بمشط كثيف، في بداية الأمر بشكل يومي إلى أن ينظف الرأس، ولاحقا مرة كل يومين أو ثلاثة أيام على مدار بضعة أسابيع، إلى أن يتم تحطيم جميع البيوض أو إزالتها، كما وينبغي القيام بالأمر مرة في الأسبوع على الأقل، لاحقا، وذلك بهدف الكشف المبكر والمعالجة السريعة. ننصح بتمشيط الشعر حين يكون رطبا، اكتشفوا وضعية مريحة لكم وللأطفال (أمام التلفاز مثلا)، فهذه العملية تتطلب وقتا. توجهوا إلى صيدلية لئوميت للخدمات الصحية من أجل توصيات حول المستحضرات والمواد المختلفة (إلى جانب التخفيض في سعر الأمشاط الكثيفة)

أيضا، إليكم بضعة توصيات:

• قوموا بغمس المشط في الخل والماء، يذيب الخل الصمغ الذي يلصق البيض بالشعر.
• ادهنوا الرأس بزيت الزيتون، غطوه بالنايلون أو بقبعة الاستحمام أحادية الاستخدام لمدة ساعتين تقريبا، اغسلوا الشعر ومن ثم مشطوه. فالزيت يخنق البيض ويسهل من عملية انتزاعه
• اكتُشِف مؤخرا أن تسخين الشعر بدرجة حرارة عالية (كما يحدث لدى استخدام مجفف الشعر) على مدار 30 دقيقة، يقتل غالبية البيض، إلا أن الوقت لا يزال مبكرا للنصح بإجراء هذا العلاج بشكل منهجي.
• أبلغوا الحضانة والصف عن وجود حالة قمل وأعلنوا عن يوم يمر فيه جميع الأطفال، بلا استثناء، علاجا في منازلهم. إن معالجة جميع الأطفال سويا سيساعد في القضاء على الظاهرة.
• بضعة قطرات من زيت المريمية خلف الأذن، ستضمن ألا يقترب القمل من رؤوس أطفالكم.
• إن رأيتم طفلا واحدا يحك رأسه، فعليكم معالجة جميع أبناء المنزل، قوموا بتغيير أغطية الأسرّة والمناشف للجميع.
• ننصح بإجراء عملية تنظيف عائلية قبل بدء السنة الدراسية، وتوجيه طلب إلى المعلمات والحاضنات اقتراح الأمر على سائر العائلات. أيضا.
• ننصح بغسيل أغطية الأسرة، المناشف، ربطات الشعر، القبعات، البلايز ذات القبعات، الملابس. ننصح بغسلها بدرجة حرارة لا تقل عن 60 درجة.
• ننصح بإدخال الدمى القماشية، الألعاب، الوسائد، وغيرها إلى مجفف الملابس لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة، أو إدخالها إلى كيس نايلون مغلق على مدار عشرة أيام، إلى أن يموت القمل وبيضه بشكل كامل.

نتمنى لكم حكّة لطيفة!