إن كان طفلكم يتصعب من القراءة، ولا ينجح في كتابة الحروف أو يكتشف مصاعب في القيام بنشاطات حسابية، فربما يكون يعاني من عسر التعلم. إليكم كل المعلومات المتعلقة بثلاثة أنواع منتشرة من عسر التعلم : عسر القراءة، عسر الكتابة، وعسر الحساب
عسر التعلم هو اضطراب يؤثر على واحد أو أكثر من جوانب التعلم، ولا يرتبط بالضرورة بالقدرات العقلية للفرد، ولا يعني بالضرورة نقصًا في قدرات الاستيعاب.
الصعوبات في التعلم هي اضطرابات في واحد أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية المرتبطة بالفهم أو استخدام اللغة الشفوية أو المكتوبة، مما ينعكس على القدرة على الاستماع، التفكير، الكلام، القراءة، الكتابة، الإملاء، أو حتى إجراء العمليات الحسابية. ويمكن أن تظهر هذه الصعوبات في سياق التأخر العام في التطور أو عندما تكون هناك عسر في العمليات الإدراكية الخاصة (القراءة، التعبير الكتابي والحساب). يستخدم مصطلح "عسر التعلم" للتفريق بينها وبين صعوبات التعلم المرتبطة بالإعاقة الذهنية (ضعف في الذكاء - IQ منخفض)، أو اضطراب الإصغاء والتركيز (ADHD/ADD).
اليوم، يُعتبر عسر التعلم مجالًا واسعًا للدراسة، وقد تطورت الطرق لعلاجه بشكل كبير عن السابق. ولذا، هناك فرص متنوعة للتدخل والمساعدة في تطوير الأطفال الذين يعانون من عسر التعلم، وهذه الفرص تهدف إلى تقديم الدعم والعلاج للأطفال لمساعدتهم في تجاوز التحديات وتحسين تطورهم بشكل كامل، وهذا بالطبع يعتمد على طبيعة وخصائص العسر ومدى تأثيره.
توجد في عالم الطب مدارس مختلفة في نظرتها إلى مسألة الجيل الذي يمكن تحديده من أجل البدء في تشخيص عسر التعلم لدى الأطفال فيه. تقول واحدة من النظريات بأنه بالإمكان فعل ذلك في جيل أربعة- خمسة أعوام، عبر تشخيص إشارات تدل على العسر التعلمي لدى الأطفال، ولكن النظرية الأكثر قبولا هي الم التي تقول بأنه ينبغي تشخيص العسر التعلمي في مرحلة لا تسبق بدء مرحلة التعلم في المدرسة، وغالبا في الصف الثاني الابتدائي. على افتراض بأننا فقط في تلك المرحلة سيكون بإمكاننا، تشخيص الفروقات في التحصيل العلمي بين التلاميذ، والقول بأن طفلا كهذا أو آخر ليس في ذات المستوى مع أصدقائه في الصف من ناحية تطوره.
يتم التشخيص باستخدام تقييم نفسي تعليمي، ويُعطى التشخيص عندما تكون إنجازات الفرد (في القراءة، والرياضيات، أو التعبير الكتابي) أقل من المتوقع لعمره، ولمستوى دراسته، ولذكاءه. يؤدي اضطراب التعلم إلى عدم "استغلال الفرد لقدراته بشكل كامل".
في بعض الأحيان يكون من الصعب التمييز بين اضطراب الإصغاء والتركيز، ومشاكل عاطفية مختلفة، وعسر التعلم. يمكن أن تظهر هذه المشاكل معاً أو بشكل منفصل، ومن المهم التمييز بينها. يعاني الأطفال ذوو عسر التعلم في بعض الأحيان من مشاكل سلوكية مختلفة. يُفترض أن مشاكل السلوك تنبع من الفشل المستمر في المدرسة الذي يؤدي إلى انخفاض التقدير الذاتي، مما ينتج عنه سلوك يعبر عن الضغوط النفسية.
يرتبط عسر التعلم بالوراثة والعائلة أيضاً. يعتبر الوالدين ذوو عسر التعلم يشكلون عاملاً مهماً في ظهور عسر التعلم لأطفالهم. يُفترض أن العوامل الجينية المرتبطة بعسر التعلم تؤثر على تطور ونضج الدماغ وهيكله الوظيفي، مما يؤثر على العمليات الإدراكية المرتبطة بعسر التعلم، إلى جانب العوامل البيئية التي قد تعزز مهارات التعلم المختلفة وتساعد بشكل مباشر في تطور الدماغ.
هنالك ثلاثة أنواع من العسر التعليمي تعدّ الأكثر انتشارا. هذه الأنواع هي عسر القراءة، عسر الكتابة، وعسر الحساب. إلا أن كل واحدة من هذه الأنواع تعمل بطريقة مختلفة، ولكن طريقة علاج كل واحدة من هذه المجالات تشبه الأخرى.
فأثناء إجراء التشخيص التعليمي الأولي من قبل الهيئة التدريسية، يصبح بالإمكان اكتشافها في الوقت المناسب لكي نتمكن من معالجتها كما يليق، ولكي نمنع بهذا من تفاقم المشاكل المرتبطة بتطور المشاكل الوظيفية، الحسية، والاجتماعية، وهي التي تتسبب من عسر معين. إن تشخيص المشكلة في الوقت المناسب، وعلاجها علاجا منهجيا يحمل في طياته أهمية عظمى. وذلك لأنه قد صار من الواضح اليوم أن هنالك علاقة بين المصاعب الاجتماعية والوظيفية الأخرى وبين أنواع العسر التعليمي كعسر الحساب وعسر القراءة. يضطر الأطفال إلى التعامل مع بيئة تنافسية موجودة مع زملائهم في الصف، ممن لا توجد لديهم هذه المشاكل. والأمر يخلق لديهم أحاسيس صعبة من الإحباط والإحساس بالعار والمشاكل الإضافية التي ترتبط بانعدام الثقة والحطّ من تقدير الذات. إن الفشل في الامتحانات، والتحصيل العلمي غير الكافي يعمل ضد هؤلاء كالكرة الثلجية، ويخلق وضعا يشعر فيه الطفل بأنه رغم كونه يماثل الأولاد الآخرين، بل وقد يتفوق عليهم في مجالات معينة، إلا أن الفروقات في المجالات الأخرى لا تزال تتزايد. وبناء عليه، يتوجب التأكيد في أصل التعامل العلاجي على الجوانب العاطفية المرتبطة بعسر التعلم.
قد تبدو حروف معينة، في أوضاع مختلفة، للطفل الذي يعاني من العسر كرسم غريب، بمعنى أن الدماغ لا يتمكن من تشخيص الحرف كما هو، ولا ينجح في تحليله.
إن العسر التعلمي هو مصطلح يشير إلى صعوبة إجرائية في امتلاك اللغة وفي السيطرة عليها في كل ما يتعلق بقدرات القراءة. إن هذا العجز في الغالب يظهر في تشويشات القراءة التي قد تبدو في قلب أحرف الكلمات (مثلا: كلمة ساعة، يتم قراءتها ك "عاسة")، أو تبديل مواضع الكلمات في الجملة، أو الأخطاء في تشخيص الحركات المختلفة. إن هنالك حروفا معينة في أوضاع معينة قد تبدو للطفل الذي يعاني من العسر كرسم غريب. بمعنى أن الدماغ لا يتمكن من تشخيص الحرف كما هو، ولا يتمكن من تحليله.
إن الأطفال الذين تم تشخيصهم باعتبارهم يعانون من العسر التعلمي، قد يعانون من مشاكل إضافية مرتبطة بطريقة رؤيتهم وتحليلهم للمعلومات الموجودة أ/امهم. إن الإحصائيات تثبت بأن هنالك علاقة بين مشاكل التوازن واتساق حركة الجسم وبين العسر.
إن تشخيص العسر يجري كما قلنا فقط في الصف الثاني الابتدائي، أو على مشارف انتهاء الصف الأول، حين تظهر العلامات الأولى للمشكلة بشكل عام حين تظهر على الطفل مشاكل متعلقة بالقراءة الأساسية، وهي مشاكل تتزايد كلما طالت فترة القراءة، أو في الحالات التي يطالب فيها الأولاد بالقراءة بشكل أسرع.
كما هو الحال في باقي أنواع العسر المنتشرة، فإن طريقة التعليم الإصلاحية قادرة هي الأخرى هنا على إجراء تحسين هام، فالتركيز هنا بشكل أساسي هو شخصي وفردي. إن توزيع المادة المتعلمة على المجموعات القليلة (كتفكيك الجملة إلى كلمات منفردة لكي يتوقف الطفل عند كل واحدة منها)، أو التكرار الذي لا يتوقف والعمل المرافق من ألعاب الذاكرة والخيال.
واحدة من طرق تعمل العالم التربوي مع مشاكل العسر هي منح إمكانية للتلاميذ (حتى في الأجيال الأكثر تقدما) من اختبارهم شفويا، وذلك لمنحهم هم الآخرين إمكانية إظهار المعلومات التي يمتلكونها كما هي، وليس من خلال المرور بمشكلة عسر القراءة لديهم.
لن تكون هنالك مشكلة لكثير من الأولاد الذين يعانون من العسر الحسابي في رسم رسومات كأي طفل في جيلهم. إلا أنهم حين يحاولون "رسم" الحروف، فإنهم سيصطدمون بعائق حقيقي.
إن عسر الكتابة هو عسر تعلمي يختص بمشاكل امتلاك القدرة المتعلقة بالكتابة. إن المشكلة قد تكون كامنة عدم قدرة الطفل بسهولة على رسم الحروف على الورقة، وذلك رغم أن الطفل قادر على تشخيص والتعرف على هذه الحروف.لن تكون هنالك مشكلة لكثير من الأولاد الذين يعانون من العسر الحسابي في رسم رسومات كأي طفل في جيلهم. إلا أنهم حين يحاولون "رسم" الحروف، فإنهم سيصطدمون بعائق حقيقي.
يعزو العلم عسر الكتابة بشكل واضح إلى مصاعب متعلقة بالمهارات الحركية الدقيقة أو تلك الغليظة، وهو يميز المشاكل في كتابة الحروف بالطريقة التي يمسك بها الطفل بحزامه وكيفية قيامه بإعادة تنظيم القوة التي في يديه، أو الطريقة التي يمسك بها الأقلام. إن هذا العسر قد يؤدي إلى وضع لا ينجح فيه الطفل في التعبير عن أفكار تراوده لأن دماغه يكون مشغولا في مجهود التغلب على المشاكل المتمثلة في تصميم الحروف التي يرغب في كتابتها، وبهذا تخلق لديه إحباط من عدم قدرته على استكمال المهام الكتابية التي عليه في وقت معقول. ومجددا، لا يحدث هذا بسبب قلة ذكاء بل بسبب المشاكل التي منبعها القدرات العضلية بشكل عام. سيكون من الصعب على التلميذ الذي يعاني من عسر الكتابة إتمام وظائفه الصفية، وسيصير من الصعب عليه تحضير الدروس المنزلية وتركيز انتباهه. إن هذا العسر يشكل مشكلة معقدة ذات آثار واسعة على القدرة التعليمية، الاجتماعية والقدرة على التواصل.
من أجل تشخيص العسر الكتابي لدى الطفل ينبغي على الأهل أو المعلمين الانتباه إلى خطه. الخط المشوش والذي تصعب قراءته، الفراغات غير المنطقية بين كلمة وأخرى في الجملة، أو كتابة حروف غير صحيحة في الكلمة لأنها تبدو متشابهة في دماغ الطفل. كل هذا قد يؤشر على وجود مشكلة.
أحيانا، إلى جانب العلاج المقبول في التعليم الإصلاحي، تكون هنالك حاجة إلى الاستعانة بالعلاج الوظيفي بسبب العلاقة الواضحة بين الأداء العضلي وبين المشاكلة المرتبطة بالعسر الكتابي. في هذا العالم المحوسب في أيامنا، هنالك دائما إمكانيات قائمة بديلة حين يدور الحديث عن أدوات الكتابة، ولذا فإن الضغط على أزرار لوحة المفاتيح هي أمور يقوم بها الطفل بسهول. ومع ذلك، فإنه من المقبول استخدام هذه الإمكانيات في أجيال أكثر تقدما، لا في الصفوف المنخفضة في المدرسة، فإعفاء الطفل من الكتابة في تلك المرحلة قد يزيد من المشكلة، لا أن يخففها.
يعد العسر الحسابي عسرا مرتبطا بلغة الرياضيات. وهو يظهر في المصاعب المرتبطة بالقيام بنشاطات كحساب الأرقام أو الكميات. إن هذه المصاعب تبدو في بعض الأحيان أيضا على هيئة مشاكل في قدرة الطفل في الرؤيا التخيلية للمسائل المتعلقة بالمكان وبالإدراك البصري للطفل، والصعوبة في تخيل الحيّز الزمني، المصاعب المتعلقة بالذاكرة ومصاعب تشخيص الأعداد.
يعد العسر الحسابي عسرا مرتبطا بلغة الرياضيات. وهو يظهر في المصاعب المرتبطة بالقيام بنشاطات كحساب الأرقام أو الكميات. إن هذه المصاعب تبدو في بعض الأحيان أيضا على هيئة مشاكل في قدرة الطفل في الرؤيا التخيلية للمسائل المتعلقة بالمكان وبالإدراك البصري للطفل، والصعوبة في تخيل الحيّز الزمني، المصاعب المتعلقة بالذاكرة ومصاعب تشخيص الأعداد. إن هذا الخلل، إن لم يتم علاجه في الوقت المناسب وبالشكل الصحيح، قد يؤدي إلى تطور مصاعب يومية إضافية كالمصاعب المتعلقة بفهم الكميات، النشاطات الحسابية البسيطة، وتقدير المسافات.
يمكن أن يتم تشخيص العسر الحسابي من قبل المعلم. إن كان الطفل يواجه مصاعب محددة في تنفيذ نشاطات حسابية بسيطة، أو مصاعب في تحديد اتجاهات الأرقام، أو المصاعب المتعلقة بالأسئلة المتعلقة بالكميات، إن هذه المصاعب قد تؤشر على وجود مشكلة. وينبغي علينا أن نشير إلى أن الطفل إن كان يعاني من هذا العسر، يكون قادرا على إنجاز تحصيل علمي مثل أقرانه في الصف، في مجالات أخرى كالكتابة والقراءة.
يتم علاج العسر الحسابي عبر تغيير طرائق التدريس المقبولة وعبر التركيز على ألعاب الذاكرة، واستذكار وحفظ الخطوات اوالكميات واستخدام وسائل بصرية الآلة الحاسبة أو عداد الخرز. لقد أثبتت الأبحاث التي أجريت في البلاد بأنه ورغم انعدام العلاقة بين الذكاء وبين العسر التعليمي، فإن الطفل الذي حباه الله بنسبة عالية من الذكاء يمتلك فرصة أكبر للتغلب على عسر التعلم من الأطفال الأقل ذكاء، خصوصا حين يتعلق الأمر بعسر الحساب.