ما بين الكآبة والاكتئاب - اكتئاب ما بعد الولادة

كنت تنتظرين هذه اللحظة التي ستصبحين فيها أمًا. وها قد حانت اللحظة. الجميع من حولك مبتهجون وسعداء، فلماذا كل ما تريدين القيام به هو وضع رأسك على الوسادة والبكاء؟ الجميع حولك يضحكون وسعداء، فلماذا كل ما تريدين فعله هو وضع رأسك على الوسادة والانهيار من البكاء. مع مرور الوقت، يتزايد الوعي بشأن اكتئاب ما بعد الولادة، لكن ليست جميع النساء بالضرورة يعرفن معنى الأمر، وكيف يمكن لك أن تدركي أصلا أنك تعانين من هذا المرض؟

كيف يمكن التمييز بين اكتئاب ما بعد الولادة وكآبة ما بعد الولادة (baby blues)؟

تعاني الكثير من النساء بعد الولادة من تنويعات كثيرة من الحالات العاطفية، التي تكون في بعض الأحيان معقدة، وهذا أمر طبيعي جدا. تعد ظواهر الكآبة، الحزن، الغضب، الإحباط، أو الاكتئاب خلال فترة الحمل وبعد الولادة من أوسع الظواهر انتشارا، وهي تسمى بكآبة ما بعد الولادة، أما في حالات أشد، فيطلق عليها اسم "اكتئاب ما بعد الولادة". قد تترافق مثل هذه الحالات الخطيرة مع مشاعر كبيرة بعدم القدرة على الأداء، وفي حالات متطرفة ونادرة، قد تؤدي إلى التفكير بالانتحار و/ أو التسبب بالأذى للمحيطين والطفل.
من المهم أن تعلمي بأن المشاعر التي قد تشعرين بها بعد الولادة منتشرة ومعروفة. عمليا، ستعاني نحو 80% من النساء من كآبة ما بعد الولادة، التي تعرف أيضا باسم baby blues. هذه الكآبة تظهر من خلال حالات نفسية متغيرة، والتعب، ونوبات البكاء، والقلق، والمخاوف، والحزن، والعصبية، ومصاعب التركيز ،والنوم. يحتمل أن يكون هناك انتقالات مفاجئة بين الشعور بالسعادة والشعور باليأس والعجز، وبين التأثر والحزن، مرارا وتكرارا خلال اليوم. تذكر أعراض اكتئاب ما بعد الولادة قليلا بأعراض كآبة الولادة، ولكن في الحالة الأولى يظل الاكتئاب لفترة طويلة، وهو يتميز بأعراض أعمق مثل تدهور الروح المعنوية غالبية الوقت، انخفاض في مستوى المتعة والاهتمام، الشعور بالذنب والفشل، المصاعب في التركيز، العصبية، مشاكل النوم والشهية، انخفاض كبير في الأداء، إلى جانب احتمال تكرار الأفكار المتعلقة بالموت والانتحار، وإيذاء الذات، وإيذاء المحيطين.

تظهر هذه الأعراض غالبا خلال الأسابيع الأولى وحتى سنة ما بعد الولادة. وفي أحيان نادرة قد تظهر مع آثار نفسانية تشمل انزعاج متطرف، أفكار غير معقولة، هذيان، شكوك، انعدام الثقة، والسلوك غير المنضبط.

يمكن أن نخلط بين هاتين الحالتين بسهولة لأن أعراضهما متشابهة، أما حينما نتعلم التمييز بين الحالتين، عندها يمكن لنا أن نفهم بصورة أفضل مشاعرنا وتلقي مساعدة مناسبة.

الأهم هنا هو أن تتذكري أنك لست وحدك. يعد اليأس، وكذلك اكتئاب ما بعد الولادة، أمرًا شائعًا، ويحدث لدى نسبة كبيرة جدًا من النساء اللاتي يلدن. وإذا تعرفت على الأعراض أو وجدت صعوبة في التعامل مع الوضع الجديد الذي تمرين به، يمكنك دائمًا وفي أي مرحلة طلب المساعدة وسنبذل كل ما في وسعنا لمساعدتك وتسهيل الأمر عليك.

ما هي أسباب اكتئاب ما بعد الولادة؟

لا يبدو أنه قد تم اكتشاف سبب واحد محدد يؤدي إلى اكتئاب ما بعد الولادة، ولكن هناك مجموعة من الأسباب، من ضمنها:

  • أسباب فسيولوجية - التغيرات في مستويات الهرمونات بعد الولادة، والتغيرات في حجم الدم، وضغط الدم، والجهاز المناعي والجهاز الأيضي.
  • العوامل العاطفية – الناتجة عن قلة ساعات النوم، والشعور بفقدان الهوية، والشعور بفقدان السيطرة على الحياة، واليأس من عدم نقصان الوزن أو تغير المظهر الجسدي.
  • العوامل البيئية - بكاء الطفل الدائم، وجود أطفال إضافيين في المنزل، مصاعب الرضاعة الطبيعية، صعوبات مالية، نقص الدعم من الشريك أو البيئة المحيطة.
  • تاريخ أو خلفية معقدة - يزداد خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة لدى النساء اللاتي لديهن تاريخ من الاكتئاب (إما بعد الحمل أو لأسباب أخرى)،ومتاعب الحياة مثل الأمراض، والحمل عالي الخطورة، والصعوبات المالية، والمصاعب في العلاقات، وعدم كفاية الدعم، والحمل غير المرغوب فيه / المخطط له، والتاريخ الطبي. ومرض ثنائية القطبية، الخ.

كيف يمكن تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة؟

يمكن تفسير علامات اكتئاب ما بعد الولادة في كثير من الأحيان على أنها مزاج سيئ وإرهاق وقلة شهية، لذلك ليس من السهل دائمًا أن نفهم أن الأمر استثنائي ومختلف عما هو "متوقع" أن تشعر به الأم خلال هذه الفترة. ومع ذلك، من المهم جدًا معرفة متى يتحول الاكتئاب المنطقي إلى اكتئاب حقيقي، لكي يتم توفير المساعدة اللازمة. من ضمن الأسئلة الأكثر شيوعاً حول هذا الموضوع: كيفية التعرف على اكتئاب ما بعد الولادة؟ في أي حالة تدعو للقلق، من المهم الاتصال بممرضة طيبات حلاف، أو طبيب الأسرة، أو طبيب النساء، أو الممرضات في المركز الطبي، وطلب المساعدة. يعرف الطاقم الطبي كيفية المساعدة، ويقوم بطرح أسئلة توجيهية على المتعالجات، ويرشدونهم إلى كيفية الاستمرار. هناك أداة اسمها استبيان إدنبره [رابط] تساعد في الكشف عن اكتئاب ما بعد الولادة، بأسئلة تساعد في تحديد مستوى الأداء الوظيفي للأم والتكيف العاطفي معها.

استبيان إدنبره لتشخيص واكتشاف الاكتئاب بعد الولادة

أحد الأدوات المستخدمة للكشف المبكر عن الاكتئاب بعد الولادة هو استبيان تم تطويره في مركز الصحة النفسية في إدنبره، ويسمى Edinburg Postnatal Depression Scale أو EPDS.

يتضمن الاستبيان 10 أسئلة تستفسر عن حالة المرأة النفسية وأدائها بعد الولادة خلال الأسبوع الاخير، ويتم احتساب النتيجة بناءً على مجموع الإجابات.

إذا كانت النتيجة تزيد عن 10، يُنصح بالتوجه لاستشارة مهنية. إذا كانت النتيجة 10 أو أقل، يُوصى بإعادة إجراء الاستبيان بعد أسبوع لمراجعة حالتك.

الاستبيان يتعلق بمشاعرك خلال الأيام السبعة الماضية.

 

 

استبيان إدنبره لتشخيص الاكتئاب بعد الولادة EPDS

اكتئاب ما بعد الولادة لدى الأزواج

تؤثر ولادة طفل جديد في الأسرة أيضًا على الزوج. تشير الدراسات إلى أن اكتئاب ما بعد الولادة لدى الرجال شائع نسبيًا، ويعاني منه حوالي 10٪ من الرجال، حينما يكون عمر الطفل عادةً بين ثلاثة وستة أشهر. إن الدمج بين قلة ساعات النوم، والضيق الذي تشعر به الأم، والمسؤولية الكبيرة التي تضاف إلى مهماته وغيرها، إلى جانب معاناة كلا الشريكين، قد تؤدي إلى الإضرار بالعلاقة. وفي مثل هذه الحالة، تزداد أهمية التدخل المهني في الأسرة، بأدوات وطرق التعامل مع القلق والتوتر والاكتئاب.

العلاج النفسي للاكتئاب بعد الولادة يمكن أن يكون مفيدًا بشكل كبير لجميع أفراد العائلة عند الوصول إليه في الوقت المناسب. لذا، من المهم أن تكوني على معرفة بالموضوع ومتابعته، وبالتأكيد يجب أيضًا أن تأخذي بعين الإعتبار إمكانية حدوث الاكتئاب بعد الولادة لدى الرجال بنفس الدرجة.

الاكتئاب بعد الولادة لدى الرجال

كيف يمكن مساعدة سيدة بعد الولادة؟

توجد عدة طرق يمكن تجربتها ومحاولتها في حال الشك بكآبة أو اكتئاب ما بعد الولادة:

  • التغذية الجيدة: غالبًا ما تجد الأمهات الجدد أنهن قد أمضين يومًا كاملاً دون تناول أي شيء ذي قيمة غذائية، دون شرب كوب من الماء. إن التوتر الناتج عن صراخ الطفل، والإرهاق، يدفعك إلى التفكير إلى أنه من الأسهل عليك تناول شيء ما من خزانة المؤن بدلا من تفريغ وقتك للطبخ. خزني الفواكه المجففة والمكسرات بجميع أنواعها للوجبات الخفيفة، واملأي (أو اطلبي من أفراد الأسرة أن يملأوا لك) المنزل بالفواكه والخضروات المغسولة والجاهزة للأكل. حينما يسألونك عما تريدين، اطلبي طناجر للمطبخ. تعلمي طهي الطعام بكميات كبيرة وتجميده على دفعات. تأكدي من وجود خبز أسود في الثلاجة ومجموعة متنوعة من الأطعمة المغذية لإعداد وجبات سهلة، ومشبعة، وسريعة، ومغذية.
  • الخروج من المنزل وممارسة اللياقة البدنية المعتدلة - كل يوم، لبضعة دقائق على الأقل. ضعي طفلك في عربة الأطفال، والذهاب في نزهة معه. حتى لو بكى، حتى لو كان مضطربًا، حتى لو أمطرت الدنيا أو كانت الشمس شديدة. إن تغيير الجو سيفيدكما معا، فاللياقة البدنية ستنشط دمكما، وتريحكما قليلاً وتجعلكما تشعران بالتحسن.
  • الاسترخاء قدر الإمكان - تعلمي الاسترخاء قدر الإمكان تذكري وذكري الآخرين حولك أنه ليس من الضروري أن يبدو المنزل مثاليًا، ولا يجب أن تتكون كل وجبة من ثلاث أطباق. صحيح أنه يمكنك إخراج الغسيل النظيف من الغسالة أو النشافة، ولكن لا يجب عليك طي الملابس وترتيبها. اسمحي للأطفال الأكبر سنًا بمشاهدة التلفاز أكثر، وتذكر أن الكورن فليكس هو أيضًا وجبة معقولة من حين لآخر... ليس هذا وقت التشبث بالمبادئ. هذا وقت القدرة على البقاء، ومن المهم أن تتعلمي خفض توقعاتك من نفسك وأن تسترخي قليلا.
  • امنحي نفسك بعض الوقت للراحة - اطلبي من صديقة أو جارة أن تعتني بالطفل لمدة ساعة لتتمكني من مغادرة المنزل. اذهبي للمقهى، أو إلى محل تدريم الأظافر، أو حتى لقراءة كتاب في الحديقة. الأهم هو أن تكوني مع نفسك، وأن تمارسي أشياء تشعرك بالرضا.
  • الاستشارة أو المساعدة النفسية - من المهم العثور على طبيب نفسي، أو أخصائي نفسي، أو ممرض أو أخصائي طبي مؤهل يمكنه أن يكون أذنًا صاغية ويقدم الدعم اللازم ويتابع الحالة.
  • للمشاركة - أشركي زوجك وتحدثي معه، أو أفراد العائلة، أو الصديقات، أو اسمعي آراء أمهات جديدات أخريات. يمكنك السؤال في مركز الأمومة والطفولة (طيبات حلاف) عن دورات الأمهات الجدد، أو مجموعات الأمهات الجديدات على واتساب، وتحدثي معهن وشاركيهن مشاعرك، وهكذا يمكنك تخفيف القلق مع مجموعة تشاركك نفس المخاوف، وهكذا يمكنك أيضا تلقي نصائح حول مواجهة هذه المخاوف.
  • العلاج المهني - عندما لا تنجح الطرق الأساسية الموضحة أعلاه، وعندما يظل الاكتئاب غامضًا ولا يزول، فمن المستحسن الاتصال بأخصائي الصحة العقلية لإجراء تقييم أولي والحصول على إحالة للمساعدة والدعم من موظفي المركز الطبي. والذي سيكون أيضًا مكانًا آمنًا ومهنيًا لمشاركة المشاعر أثناء الحمل وبعده. إذا استمرت الأعراض أو تفاقمت، اتصلي بالمركز الطبي للحصول على الدعم والتوصيات لمواصلة علاج اكتئاب ما بعد الولادة (في بعض الأحيان يكون من الضروري توفير الدواء المناسب). ويختلف العلاج حسب المرأة وشدة الحالة. الهدف هو تمكينها من التعامل بفعالية مع الموقف بما لا يضر بروتينها ولا يثقل كاهلها. عادةً ما يتكون العلاج من العلاج النفسي أو الأدوية، وفي بعض الحالات قد يتم العلاج معًا.
    وقد وجد أن لبعض الأقراص تأثير جيد على النساء بعد الولادة، وباستخدامها تعود معظم النساء إلى وظائفهن الطبيعية بسرعة.
    من المهم معرفة أن هناك أقراصا تصلح لتناولها حتى أثناء الرضاعة الطبيعية – ومن المهم ذكر ذلك للطبيب.

هل يمكن أن يزول اكتئاب ما بعد الولادة لوحده؟

الإجابة معقدة. من المؤكد أن هناك حالات شفاء من اكتئاب ما بعد الولادة بشكل مستقل. ومع ذلك، من المهم أن تنتبهي. من الشرعي إعطاء الأم وقتها، إذا كانت لا ترغب في الخوض في علاج دوائي أو نفسي في البداية، أما إذا لم يحدث تحسن بعد فترة معينة - حتى لو بقي الوضع على حاله، أو حتى تدهور، فمن المهم، بل والحاسم إشراك متخصص ليتمكن من مساعدتها على استيعاب الموقف بطريقة احترافية وحساسة.

ومن المهم أن تتذكر أنك لست وحدك. تضع لئوميت تحت تصرفك مجموعة من المتخصصين الذين سيقومون بالتشخيص والمساعدة والعمل جنبًا إلى جنب لإيجاد حل يجعل الأمر سهلاً ومفيدًا. أنت مدعوة لحجز موعد عبر موقع لئوميت، أو تطبيقها الهاتفي، أو من خلال مركز خدمة الزبائن عبر الاتصال على 507*.

نظن أنك قد تكون مهتم