يمكن أن تكون مرحلة المراهقة صعبة وأن تمثل دوامة عاطفية حقيقية، مما يؤدي إلى سلوكيات حدية (أو بدلاً من ذلك - إلى الانغلاق). في بعض الأحيان تكون هذه السلوكيات مناسبة للعمر وتختفي من تلقاء نفسها، ولكنها يمكن أن تكون أيضًا تعبيرًا عن أمر أعمق يتطلب اهتمامًا متخصصًا
يمكن أن تكون فترة المراهقة مشحونة عاطفيا، وتتضمن تحديات مختلفة قد تؤثر على سلوك المراهق مثل التغيرات الاجتماعية، الصعوبات في المدرسة، العلاقات مع الأزواج، وأكثر من ذلك.
جميع هذه العوامل تأتي في وقت حساس - تشمل خصائص المراهقة التغيرات الجسدية والعاطفية، ونفس الوقت يبدأ ابنك المراهق في ترسيخ استقلاليته في حياته ومحاولة اختبار حدوده، وبصورة خاصة حدودكم أنتم، والدي المراهقين وباقي من يحيطون بهم.
كيف يظهر هذا في الواقع؟ الغضب والشجار مع الوالدين (أحيانًا من دون سبب واضح)، والعزلة في الغرفة، والخروج مع الأصدقاء حتى وقت متأخر، ورفض الذهاب إلى المدرسة، والتعرض لاضطراب عاطفي من كل نقاش، والعديد من الأمثلة الأخرى على الحالات المزاجية والسلوكيات التي غالبًا ما تقض نوم الوالدين.
الإجابة المختصرة هي "ذلك يتعلق".
أولاً، من الطبيعي جدًا أن يشعر الوالدين بالقلق على أبنائهم المراهقين، ويرتبك العديد من أولياء الأمور في تحديد متى يكون سلوك معين لدى أطفالهم المراهقين طبيعيًا، ومتى قد يمثل أعراض الاكتئاب.
حاولوا أن تتذكروا فترة مراهقتكم. على الأرجح أنكم مررتم بأمور مماثلة، وحاولتم شق طريقكم كأشخاص مستقلين وأقل اعتمادا على والديكم، ومررتم بتغيرات عاطفية - من السعادة المفرطة إلى الحزن العميق.
من المحتمل أنكم قد واجهتم تجارب جديدة، أدت في أكثر من مرة إلى شعوركم بالإحباط والحزن. من شأن الأمر أن يكون خصاما صعبا مع صديق/صديقة، أو انكسار القلب، أو مصاعب في التحصيل الدراسي (سواء في المدرسة أو الدورات)، وغيرها.
الحقيقة هي الحزن جزء طبيعي من مجموعة المشاعر الإنسانية. يأتي الشعور بالحزن في فترات زمنية مختلفة، ولكن هناك لحظات أكثر هدوءًا، لحظات يمكنك فيها الضحك، ولحظات تشعر فيها بالارتياح، أو تشعر بالتحسن.
مع ذلك، يحتمل ألا يتمثل تفسير سلوكهم من خلال الحزن لسبب محدد، بل يشير إلى الاكتئاب السريري. إن الاكتئاب السريري ليس عاطفة عابرة، بل هو حالة نفسية معقدة تتطلب العلاج.
الاكتئاب الشديد (أو الاكتئاب السريري) هو حالة قد يكون لها تأثير عميق على حياة أولئك الذين يعانون منه - الأطفال والمراهقين والبالغين على حد سواء. ومع ذلك، فهو قابل للعلاج، وبمساعدة العلاج النفسي والأدوية (عند الضرورة) من الممكن تحقيق تخفيف كبير للأعراض وتحسين الأداء.
قد يظهر الاكتئاب بشكل مختلف قليلاً من شخص لآخر، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال والمراهقين. على سبيل المثال، في كثير من الأحيان يظهر الاكتئاب لدى المراهقين بشكل أقل في الحزن المعتاد لدى البالغين، وأكثر في الغضب والانفجارات والانسحاب.
يتم عادةً تشخيص الاكتئاب الشديد عندما تظهر خمسة على الأقل من الأعراض التالية طوال معظم اليوم، وطيلة اليوم( أوفي كل يوم تقريبًا) لمدة أسبوعين على الأقل.
يمكن أن يؤدي الاكتئاب إلى أفكار متكررة عن الموت والانتحار وإيذاء النفس. إنه ينبع من الضيق، ومن الشعور بالمعاناة الشديدة، ومن الاعتقاد بأن هذا هو الطريق للتخلص من المصاعب.
من المهم أن نعرف أن التدخل في الوقت المناسب يمكن أن يمنع بالتأكيد مثل هذا الموقف. لذلك، إذا كان ابنكم المراهق يتحدث عن إيذاء نفسه أو حياته، ويميل إلى الحديث عن الموت أو الانتحار، ويقول إنه يشكل عبئًا على الآخرين، ويشعر باليأس، وهو منعزل للغاية - فمن المهم جدًا طلب المساعدة على الفور.
ومن الممكن جداً أن بعض النقاط التي ذكرناها ظهرت في مرحلة ما لدى أبنائكم، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم مكتئبون، إذ قد يكون الأمر مؤقتاً. من أجل مساعدتكم على التمييز، عليكم أن تسألوا أنفسكم الأسئلة التالية:
بمعنى، إلى أي حد تبدو سلوكيات المراهق/ة متطرفة
على سبيل المثال، قد ينام العديد من المراهقين لمدة 9-10 ساعات في الليلة الواحدة دون أن يكون ذلك مصدرًا للقلق. ومع ذلك، إذا كانوا ينامون لساعات طويلة جدًا، أو أثناء النهار، فقد يكون الوقت قد حان للنظر في الأمر. والعكس صحيح أيضًا - إذا لاحظتم أنهم لا ينامون بما فيه الكفاية، فقد يكون هذا أيضًا مظهرًا من مظاهر الاكتئاب.
هل المصاعب دراسية فقط؟ هل هي اجتماعية فقط؟ هل سلوكهم يمس بجميع مجالات حياتهم؟
من المحتمل جدًا أن يلاحظوا في المدرسة أن ابنكم أكثر انطوائية من المعتاد، ولكن إذا كان لا يزال يشعر بالاسترخاء والحرية في المنزل ومع الأصدقاء، فمن المحتمل أن هذه ليست تغييرات بسبب الاكتئاب.
من ناحية أخرى، إذا أصبح الأطفال المنفتحين والمرحوم منغلقين وصامتين سواء في المدرسة أو في المنزل، وعزلوا أنفسهم عن دائرة أصدقائهم، فقد يكون هناك داعي لمعرفة السبب.
هل هي فقط حول حدث معين، على سبيل المثال بعد الانفصال بين الأبوين أو الشجار مع صديق؟ هذه أحداث قد يتفاعل معها المراهقون بكثافة عاطفية، ومن المفهوم أن يشعروا بالصعوبات والحزن لعدة أيام.
ومع ذلك، إذا استمرت الأعراض لفترة من الزمن - أكثر من أسبوعين دون تغيير، فقد يكون ذلك علامة على الاكتئاب.
عندما يكون هناك اضطراب عقلي كبير يؤثر على أداء الصبي/الفتاة، فمن المستحسن طلب المشورة من أحد المتخصصين. بإمكانكم ترتيب موعد مع طبيب الأسرة أو طبيب الأطفال للحصول على استشارة أولية، كما يمكنكم التواصل مع طبيب نفسي و/أو مختص نفسي.
في معظم حالات الاكتئاب والقلق، يكون العلاج الأولي الموصى به العلاج النفسي. من المؤكد أن المحادثات المنتظمة مع طبيب نفساني أو معالجين عاطفيين قد تسهل وتساعد. بالإضافة إلى ذلك، في كثير من الأحيان قد تشمل التوصية أيضًا علاجا دوائيا يرافق العلاج النفسي.
من المهم ملاحظة أنه في حالة إدراككم أن ابنكم في خطر أو من شأنه أن يؤذي نفسه، فإن عليكم طلب إجراء تقييم نفسي. يمكنكم التوجه على مدار 24 ساعة يوميًا إلى غرفة طوارئ الطب النفسي بغرض تقييم درجة الخطر لذلك.
سواء كان أبناؤكم يعانون من الاكتئاب أم لا، فإن لكم كأولياء أ/ور، دورًا مهمًا في مرافقتهم للتغلب على التحديات التي يواجهونها.
إذا رأوا أنكم، كأولياء أمور، يمكن الوثوق بكم في اللحظات الصعبة والأزمات، فسيشعر أبناؤكم بأنهم محميون وأنهم ليسوا وحدهم. كما أن هذا يزيد من فرص لجوئهم إليكم في أوقات الشدة أو الخطر.
من المهم أن نتذكر أن الحالة العاطفية للوالدين لها أيضًا تأثير على الصحة العقلية والعاطفية للمراهقين. من المهم أن تعتنوا أنتم، كوالدين، باحتياجاتكم الجسدية والعاطفية حتى تكونوا متاحين عاطفيا لأبنائكم.
عندما تعيشون أنتم، كأولياء أمور، ضغطا نفسيا، فإن هذا يؤثر على المنزل بأكمله ويشيع فيه جوًا عصبيًا أو قلقًا يؤثر أيضًا على المراهقين. لا يوجد ما يمنعكم من اللجوء إلى العلاج العاطفي عند الضرورة من أجل الحصول على الأدوات المناسبة التي تتيح لكم التعامل بشكل أفضل مع الفترة المقبلة في المنزل.
على الرغم من أن المراهقين يميلون إلى تجنب المحادثات العاطفية مع الوالدين، إلا أنه لا يزال من المهم بذل الجهد للقيام بذلك. إذا كنتم قلقين بشأن سلوكهم، فنوصيكم بمحاولة تنفيذ التالي:
في الختام، تعد المراهقة وقتًا صعبًا - سواء بالنسبة للمراهق أو بالنسبة إليكم كأولياء أمور. من أجل مساعدة أبنائكم على مواجهة هذه المرحلة، من المهم محاولة فهم الصعوبات التي يعانون منها، مع الانتباه إلى احتمال أنهم قد يحتاجون إلى مساعدة مهنية.
سواء كانوا بحاجة إلى مساعدة عقلية أم لا، فإن درجة مشاركتكم لها دور مهم. قد يؤثر دعمكم، بشكل كبير، على قدرتهم على تجاوز هذه المرحلة بأفضل طريقة ممكنة.