المواجهة الهادفة لبناء التواصل الاجتماعي والعائلي في أوقات الأزمات

النموذج السلوتوجني لتعزيز الصحة العقلية للأطفال في أوقات الأزمات

ريفكا ألكوبي، معالجة نفسية متخصصة في الصدمات والقلق

تسببت أحداث 7 أكتوبر في تقويض استقرارنا وشعورنا بالأمن. فالتغيرات الكثيرة في كافة مجالات الحياة، والشائعات المخيفة، والقلق، وكثرة القتلى، خلقت علامات استفهام وصعوبة كبيرة في أنماط حياتنا. ومن بينها البقاء في أماكن محمية، والبقاء لفترة طويلة داخل المنزل، وعدم الذهاب إلى المدرسة والعمل وغير ذلك. وهذا واقع يخلق الشعور بالوحدة والشعور بالضيق. وفي الوقت نفسه، كانت هناك حاجة للتعود على البقاء معًا وجدول أعمال جديد.
من خلال العمل العلاجي مع العديد من العائلات نسمع توصيفات صعبة لدى العائلات التي غادرت منزلها، والعائلات التي نادرًا ما تغادر المنزل، هناك من يدير روتين الطوارئ في ظل الحرب. وقد تكون الحياة معًا في المنزل متوترة أحيانًا، إذ يؤثر التوتر على الجميع. ويترافق مع المشاجرات ونوبات الغضب والاضطراب في نظام الحياة اليومية. يفشل بعض الأهل في إدارة الحياة في المنزل بشكل صحيح وصياغة مجموعة قوانين منطقية للروتين اليومي. هناك حاجة كبيرة لإعادة بناء جدول أعمال وخلق شعور بالاستمرارية في الوضع الجديد.

النموذج السلوتوجني لتعزيز الصحة النفسية

طوّر أنطونوفسكي، عام 1979 "النموذج السلوتوجيني"، في إطار نظرية تهدف إلى تعزيز الصحة العقلية. وقد وصف الشعور بالتماسك (القدرة الاستمرارية) بأنه وجهة نظر تعبر عن الميل لرؤية العالم كمكان منطقي ومعقول، يمكن إدارته وتنظيمه عاطفيا من تصور مفهوم وهادف للواقع.

تتكون هذه النظرة للعالم من ثلاث خصائص: القدرة على الفهم، والقدرة على الإدارة، والعثور على معنى.

  • القدرة على الفهم: هي مدى فهم الإنسان للعالم المحيط به على أنه يمكن التنبؤ به، أي أنه يستطيع تخمين ترتيب اليوم، ووضع خطط قصيرة أو طويلة المدى.
  • القدرة على الإدارة: هي مدى تصور الإنسان على أنه يملك القدرة اللازمة للمواجهة، والموارد الكافية ليحقق النجاح في مهماته المختلفة.
  • العثور على معنى: إنها الدرجة التي يجد فيها الإنسان معنى عاطفيا لحياته، وصداقاته التي يحتفظ بها، وقدرته على التضحية من أجل الآخرين. إن قوة إحساس الشخص بالتماسك هي عامل مهم في التحرك نحو الصحة.

من أجل مساعدة العائلات والأهل في هذه الأوقات، يمكن استخدام المكونات الثلاثة لنموذج السلوتوجني ودفع الأهل إلى توفير التماسك لأطفالهم، وهذا بالترافق المحادثة المستمرة حول مدى تأثير ذلك عليهم، وما هي طرق المواجهة الأكثر فعالية بالنسبة لهم؟

خلق الإحساس بالسيطرة، العمل وفق النموذج السلوتوجني

إن خلق شعور بالتماسك يقود الشخص إلى القدرة على السيطرة على الوضع ويعيد له الإحساس بالتماسك الذي يفتقده في هذه الأوقات.
من الممكن خلق فهم للوضع من خلال إجراء محادثة حول الحرب وعواقبها، وشرح قواعد السلامة، وما يجب القيام به عند وجود إنذار وكيف نساعد أنفسنا على الحماية، جنبًا إلى جنب مع التخطيط لجدول أعمال مناسب للعائلة والمنزل
ننجح في خلق القدرة على الإدارة عندما يساعد الأهل الأطفال على الاعتقاد بأن لديهم الموارد اللازمة للتعامل مع الوضع الجديد.
أما الإحساس بالأهمية، فينشأ من خلال هدف قابل للتطبيق لكل طفل أو لجميع أفراد الأسرة، تكون له نتيجة ملموسة مثل التطوع والعمل من أجل الآخرين، وإعداد الطعام للجنود والعائلات النازحة، والنشاطات العائلية الإبداعية، وأداء الفروض المدرسية.
لقد أشارت العائلات التي عملت وفق النموذج إلى تحسن في التكيف، والتغيير في أجواء المنزل. حيث تحدث المشاركون عن التجارب المشتركة التي أعقبت النموذج. وفي الوقت نفسه، كان هناك انخفاض في كمية الشجار في المنزل. ورأى الأهل أن لديهم القدرة على إدارة الجدول اليومي، والوصول إلى السهولة والفهم والاعتراف بالواقع بطريقة أفضل.

تطبيق النموذج في الجهاز التربوي

استعدادهم للتعاون من خلال إشراك أولياء الأمور ومواصلة هذا النموذج في الفصل الدراسي أو في التعلم عن بعد. للقدرات الاجتماعية تأثير كبير على تجربة الطفل ونجاحه، وبالتالي فإن المهارة الاجتماعية الجيدة قد تؤدي إلى النجاح في العديد من المراحل البارزة في حياة الفرد، والعكس صحيح. ومع ذلك، فإن هذا النقص في المهارات الاجتماعية ليس قدرًا، فهذه مهارات يمكن تطويرها واكتسابها ويمكن للمدرسين المساعدة في ذلك.

فيما يلي نسلط الضوء على أدوات تنمية التواصل الاجتماعي لدى الطلاب بتوجيه من المعلمين وفق النموذج السلوتوجني:

القدرة على الإدراك، علينا خلق تصور اجتماعي متماسك لرؤية الآخر والقدرة على إظهار التعاطف حتى مع أولئك الذين يتفاعلون بقلق أو بصورة دفاعية. وأن نوضح أن أي رد فعل في حالة غير طبيعية هو أمر متوقع ومقبول. كما علينا أن نجري حوارا مفتوحا حول ردود الفعل التي يشعر بها الجميع ويتفاعلون معها في هذا السياق. بالإضافة إلى ذلك، علينا أن نعلمهم احترام حدود كل فرد في استهلاك المعلومات وسماعها، وبشكل عام، من المفيد أن يؤدي ذلك إلى تقليل استهلاك المعلومات وزيادة المشاركة في المرونة والاتصال بالعمل اليومي الأمثل..

القدرة على الإدارة، علينا أن نتعامل مع السلوك في الصف، والنسيج الاجتماعي الذي كان سائدا قبل 7 أكتوبر وما هو سائد الآن

كيف يمكن للمربين والمربيات أن يعملوا وأن يساعدوا؟

يجب على المربين أن يعرفوا وأن يكونوا واعين للعلامات التحذيرية التي تشير إلى أن التلميذ يمتنع عن التواصل الاجتماعي:

  1. الطلاب المتجنبون - حينما لا يقوم الطالب بإرسال الوظائف، ولا يبدي اهتماما بها، ولا يرد على الرسائل، وحينما يقول أصدقاؤه المقربون أنهم لا يستطيعون الاتصال به
  2. الطلاب الذين كانوا في مرحلة انتقالية من المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية، أو منالإعدادية إلى الثانوية : دخلوا فصلًا جديدًا هذا العام، ولم يستقروا بعد في البنية الاجتماعية للصف.
  3. الطلاب الذين لا يدخلون أو لا يحضرون الاجتماعات أو لا يتواصلون على الإطلاق.
  4. الطلاب الذين لا يعبرون عن أنفسهم في جلسات التعلم أو في المناقشة الصفية.

لدى طاقم التدريس طرق عمل مختلفة من أجل تشجيع التواصل الاجتماعي لدى الطلاب

  • التواصل بصورة شخصية مع الطلاب المتجنبين، من خلال الاتصال بهم هاتفيا أو إرسال رسائل خاصة أو من خلال بناء أية علاقة مع شخصية تهم الطالب.
  • عقد اجتماعات تستهدف الطلاب الذين يعانون من الصعوبات الاجتماعية والطلاب الاجتماعيين عبر الإنترنت أو في اجتماع قصير ممكن في منطقة آمنة.
  • العثور على معنى: ربط الطالب بهدف يخص مجتمع الصف. . تطوير وظائف في إطار مجموعات مع مهمات مناقشة أو مهمات مشتركة تؤدي عبر العمل الجماعي إلى إنتاج منتج. خلق معنى للمجموعة؛ يمكن صياغة برنامج فوازير يستند إلى التجارب الصفية المشتركة؛ المبادرة إلى تعلم النظراء حيث يمكن لأحد التلاميذ تمرير وحدة دراسية أو تدريس مجال معين يهتم به، والاهتمام بالاستماع إلى ردود الفعل الإيجابية من الطلاب في الصف.

"الطريقة الأفضل ليصبح لنا صديق، هي أن نكون نحن أصدقاء" (رالف فالدو أمرسون)

في ظل هذه الفترة الراهنة خصوصا، علينا أن نعيش التجربة، والعطاء، وقدرة الترابط الاجتماعي، التي تؤثر على بناء وعينا. ونتيجة لذلك سيكون بإمكاننا الشعور بالقوة وأن نبني دفيئتنا الخاصة.

نظن أنك قد تكون مهتم