كيف يمكننا مواجهة التوتر والضغط

العمل، والأطفال، والحالة الاقتصادية.. حياتنا مليئة بالتوترات التي من شأنها أن تؤثر على صحتنا. تتمثل واحدة من العقبات الدائمة في مواجهة التوتر في أن الكثير لا يعرفون أن حياتهم تُدار من خلال التوتر، رغم الإشارات الثابتة التي تصدر عن أجسامهم. ما هي إذا آثار التوتر، وكيف يمكن مواجهتها؟

يعاني الكثيرون منا بصورة منتظمة من الضغوطات والاضطرابات العقلية والعاطفية. وهكذا، ومن دون أن نقصد ذلك، فإننا نعمل بدافع القلق، والغضب، والانتقاض، ونقص الرضا عن الذات. لقد صارت المواقف العصيبة جزءا من روتيننا اليومي بحيث لا يكون بإمكاننا دائما وضع إصبعنا على اللحظة التي بدأ فيها الأمر.
تثبت العديد من الأبحاث أن هناك علاقة بين الحياة المتوترة والأضرار الصحية، سواء أكانت جسدية أم نفسية. إن التوتر يعد حافزا لانتشار مجموعة متنوعة من الأمراض وتفاقمها، وبالتالي تزايدت النظرة إلى خلق توازن للتوتر بوصفها جزءا من المجموع العلاجي الهادف لمعالجة الأمراض المزمنة المختلفة.

ما المقصود بالتوتر المزمن؟

حينما نكون في موقف ضاغط، فإن ردة الفعل الجسدية (الطبيعية) تكون مشابهة للحالة التي نكون فيها في خطر: إذ يفرز الجسم موادا كالأدرينالين والكورتيزول، كما أن مجمل أجهزتنا الحيوية تعمل من أجل مواجهة التهديد: حيث يتزايد نبض القلب، ويتسارع التنفس، وغيرها من أعراض.
من المفترض أن تكون ردة الفعل هذه مؤقتة، وأن تنقضي بعد انتهاء الخطر. ولكن طالما ظل ’التهديد‘ (مثل تقديم الرعاية لأحد أفراد الأسرة المريضين، أو التوتر في العمل، أو المصاعب المتعلقة بتربية الأطفال، وغيرها) قائما، فإن الجسم لا يعود ‘إلى حالته الطبيعية، حيث يواصل إفراز هرمونات التوتر (مثل الكورتيزول) بصورة مزمنة.

كيف يمكن للتوتر المزمن أن يؤثر على صحة الجسم؟

يظهر التوتر المزمن من خلال مجموعة متنوعة من الأعراض، بدءا من التعب والشد العضلي (في الرقبة وحزام الكتف بصورة أساسية)، واضطرابات الجهاز الهضمي، وصولا إلى تأثيرات أعمق، مثل الألم المزمن (في أسفل الظهر مثلا)، والخلل في الأداء الجنسي والخصوبة، وارتفاع ضغط الدم، وأضرار الأسنان (بسبب الصرير عليها)، وغيرها من أعراض.
إلى جانب ذلك، هناك أمراض مختلفة من شأن حالة التوتر الدائمة أت تضاعف مخاطر الإصابة بها، ومن ضمنها السكتات القلبية، السكتات الدماغية، والسكري من النوع الثاني.

كيف يمكن للتوتر المزمن أن يؤثر على الصحة النفسية؟

لا يؤثر التوتر على صحتنا الجسدية فحسب، بل من شأنه أن يؤثر على صحتنا العقلية أيضا. وقد يؤدي التعرض إلى فترة طويلة من التوتر إلى القلق والاكتئاب والإدمان (مثل إدمان الكحول أو التدخين)، وغير ذلك من ظواهر، كما أن التوتر المزمن قد يُضعف التركيز، وقد يؤدي إلى حصول اضطرابات في الذاكرة.

كيف يمكننا أن نواجه التوتر بصورة جيدة؟

هناك عدة آليات مختلفة يمكننا تبنيها لمواجهة التوتر، بحيث يمكن لكل منا العثور على الطريقة الأنسب بالنسبة إليه، ولاقحا يمكنكم أيضا قراءة المزيد حول عدة طرق بسيطة وننصح بها من أجل مواجهة التوتر.
مهما يكن من أمر، من المفضل أن نقوم بترتيب تلك النشاطات حسب أهميتها، وهي عمليا نشاطات العلاج الذاتي الخاصة بكم، ووضعها في إطار روتينكم اليومي. ربما يكون الأمر سهلا نسبيا في العثور على وقت لذلك في الفترات الأهدأ حيث يتوفر لديكم وقت فراغ، ولكن من المهم في فترات التوتر والضغط عدم التخلي عن الأمر، رغم ميل المعظم إلى وضع هذه الأولويات جانبا.
عليكم مبدئيا أن تخصصوا وقتا منظما للنشاطات التي تجلب لكم السعادة، بحيث يكون هناك دائما شيء تتطلعون إليه. إن الحفاظ على نمط حياة صحي يتضمن اتباع نظام غذائي متزن، غني بالخضروات والفواكه، والحبوب غير المقشورة، والبقوليات، مع ممارسة النشاط البدني المنتظم.
كما أن هناك أهمية كبرى لوجود شبكة دعم قوية، زوج أو زوجة، أصدقاء وعائلة، وكل من يمكنكم إشراكه فيما يزعجكم، والتشاور معه، أو ببساطة مواجهة الوحدة برفقته.

5 طرق بسيطة يمكنها أن تساعدك في مواجهة التوتر

تمرين اليقظة الذهنية(MINDFULNESS)

تمرين اليقظة الذهنية هو شكل من أشكال التأمل، أثبتت الدراسات نجاحها في تقليل القلق والتوتر، وتشجع ممارستها على الانتباه إلى اللحظة الراهنة، وتقبلها من دون إصدار أحكام، والوعي الذاتي بما يحدث حولنا. هناك ورش عمل ودروس تعليمية لممارسة اليقظة الذهنية، ويمكنكم العثور على بعضها عبر الإنترنت.

ضعوا حدودا صحية

هل تعرفون المثل الشعبي القائل "الزايد أخو الناقص"؟ إن رغبتنا في القيام بالمزيد والمزيد، عدم قول ’لا‘ لأي شخص، لأطفالنا، وأصدقائنا، ورؤسائنا في العمل.. وهكذا في نهاية المطاف نصل إلى حالة من الضغط المتطرف، ولا نتمكن من أداء مهامنا، ونصل إلى نهاية كل يوم ونحن منهكين من التعب.
هناك خيار آخر ممكن: حاولوا وضع حدود صحية (وحمايتها) تتناسب مع قدراتكم. لا تترددوا في طلب المساعدة حينما يكون ذلك ممكنا، وفكروا جيدا قبل أن تتسرعوا في قول "نعم".

النشاط البدني المنتظم

يعد النشاط البدني واحدا من أهم نشاطات خطتكم لتخفيف التوتر. يحسن النشاط البدني من حالتكم النفسية وتساعدكم في تحسين نومكم. اعثروا على النشاط الذي تحبونه، سواء أكان ذلك الركض، أو اليوغا، أو البيلاتيس، وأدخلوا النشاط إلى جدول أعمالكم اليومي.

اكتشفوا طريقة استرخاء

تساعدنا النشاطات البدنية التي تركز على التنفس وإرخاء العضلات في التخفيف من الشعور بالتوتر، ويمكن القيام بهذه النشاطات في أي مكان. إن تمارين التنفس قبل النوم تساعدنا أيضا في عملية النعاس، لمن يلاقي مصاعب في ذلك. ما الذي علينا فعله إذا؟ أغمضوا عينيكم وحاولا إرخاء عضلات الجسم. خذوا نفسا عميقا من خلال الأنف، واحتفظوا بالهواء في الرئتين لمدة 5 ثواني، وبعد ذلك أخرجوا الهواء عبر زفير بطيء من خلال أنف. كرروا هذه التمارين عدة مرات، وسيمكنكم الشعور كيف أن وتيرة نبضكم وتنفسكم باتت أهدأ.

لا تترددوا في طلب المساعدة

إلى جانب شبكة الدعم الشخصي، لا تترددوا في التوجه لطلب المساعدة من جانب المهنيين إذا ما استدعت الحاجة. في إطار العلاج النفسي يمكنكم تلقي مساعدة وتوجيه في العثور على عوامل التوتر، وتوفير أدوات تساعدكم في إدارة سير يومكم بصورة أفضل أثناء التوتر.
هناك أدوات متنوعة يمكنكم استخدامها من أجل تقليل التوتر في إطار العلاج. واحدة من هذه الطرق، مثلا، تتمثل في التخيل الواعي، التي تدمج تقنيات استرخاء وتهدئة مع مراجعة ومعالجة التجارب والمشاعر التي يعيشها المتعالج.

ليس من السهل، في سياق الحياة العصرية الصاخبة، أن نتوقف للحظة ونستمع إلى أجسادنا، ونسأل أنفسنا عما إذا كان هناك شيء يمكننا القيام به بصورة مختلفة. كما أنه ليس من السهل الاعتراف بأن الأمر ممكن وضروري. ولكن الحقيقة هي أن الأمر يستحق ذلك. ابحثوا عن الأنشطة التي تناسبكم، وتساعدكم على تنظيم حياتكم في وجه التوترات، من أجل حياة أكثر متعة وصحة.

نظن أنك قد تكون مهتم