الجلطة الدماغية: كل دقيقة تمر، مهمة!

تشكّل الجلطة الدماغية المرتبة الثالثة من حيث كونها سبب الوفاة في العالم الغربي، وذلك على التوالي بعد أمراض السرطان وأمراض القلب. كما أن الجلطات الدماغية تمثّل العامل الرئيسي للإصابة بإعاقات لدى السكان الكبار في السن. هنالك في البلاد نحو 15,000 من الأشخاص الذين يصابون بالجلطات الدماغية في كل عام، حيث هنالك نسبة ضئيلة فحسب من المرضى تتوفر لها ظروف علاج لائقة وقت وقوع الحدث، ويحدث هذا خصوصا بسبب تعطّل الوصول إلى غرفة الإنعاش في المستشفى.

د. نزار حوراني، طبيب أعصاب في لئوميت للخدمات الصحية، وخبير رفيع في وحدة الجلطات الدماغية وأمراض الأوعية الدموية في مستشفى شعاري تصيدق

هنالك نوعان من الجلطات الدماغية

  • السكتة الدماغية - التي تنجم عن انسداد مفاجئ في واحد من الأوعية الدموية الرئيسية التي توصل الدم إلى الدماغ أو تلك الموجودة داخل الدماغ. ويتسبب الانسداد عن تراكم رواسب تصلب الشرايين على جدران الأوعية الدموية، أو بسبب كتلة متخثرة دموية مصدرها واحد من الجيوب القلبية أو واحد من الشرايين الكبرى. نسبة هذه الإصابة تشكّل نحو 85% من حوادث الجلطات الدماغية.
  • النزيف الدماغي - والذي ينجم عن مزق في واحد من جدران الأوعية الدموية الدماغية، مما يؤدي إلى تسرب الدم إلى الدماغ نفسه.

علامات الجلطة الدماغية

علامات الجلطات الدماغية شديدة الحدة وهي تظهر بشكل مفاجئ. وتشمل:

  • الضعف أو الشلل في واحد من جانبي الجسم (في ثلاثة أرباع الجلطات الدماغية، نلاحظ شللا أو ضعفا جانبيا، هذا يشكّل العلامة الرئيسية التي تشير إلى حدوث الجلطة الدماغية).
  • التواء زاوية الفم.
  • الحديث غير الواضح، الذي يشبه التلعثم أثناء التحدث.
  • مواجهة المصاعب في اختيار الكلمات.
  • مواجهة المصاعب في إنهاء الجمل.
  • مواجهة مصاعب في البلع.
  • الحول
  • في بعض الأحيان، يترافق الأمر مع صداع قوي (يحدث هذا في حالات معينة من حالات النزيف الدماغي).

إن ظهور مثل هذه الأعراض يتطلب إخلاء سريعا إلى المستشفى، وإجراء تشخيص عاجل ومعالجة فورية بهدف التقليل من مخاطر الإصابة بإعاقة والضرر العصبي.

عوامل الخطر

من ضمن عوامل الخطر الأكثر انتشارا المرتبطة بالجلطة الدماغية، يمكننا أن نذكر أمراض القلب، السكّري، ارتفاع منسوب الكولسترول، وضغط الدم العالي، إلى جانب العوامل الوراثية (على غرار وجود تاريخ لدى أفراد العائلة من الإصابة بالجلطة الدماغية أو أمراض الأوعية الدموية). هنالك عوامل أكثر ندرة تشمل وجود مصاعب في تجلط الدم، الالتهابات في الأوعية الدموية، والإصابات في منطقة الرقبة والرأس. وحيث تتجمع عدة عوامل خطر، فإن الخطر يتضاعف.
ورغم الاعتقاد السائد بأن هذه الظاهرة تمس بشكل أساسي السكان الكبار في السن، فإن الأطفال والشبان أيضا يمكن لهم أن يصابوا بالجلطات الدماغية. ومع ذلك، فإن متوسط جيل من يصابون بالجلطات الدماغية يبلغ 69 عاما. ويتضح من المعطيات التي تنشرها نقابة أطباء الأعصاب بأن نحو 35% من المرضى الذين يصابون بالجلطات الدماغية، تقل أعمارهم عن ستين عاما، وبأن نحو 8% منهم تقل أعمارهم عن 50 عاما.

تشخيص الجلطات الدماغية وعلاجها

إن التشخيص السريع للجلطة الدماغية يتم باستخدام تصوير الـ CT للدماغ وعبر فحص الـ CTA (أنغيوغرافيا: فحص لتدفق الدم في الأوعية الدموية) وأحيانا يتم عبر مسوحات الـ MRI للدماغ.
إن معالجة الجلطة الدماغية الخطيرة تشمل علاجا دوائيا عبر أدوية تذيب التجلطات التي تُقدم عبر حقنة وريدية (Tissue plasminogen activator) و/ أو عبر علاج تدخلي جراحي يتمثل بالقسطرة الدماغية وسحب التجلط أو فتح للوريد المسدود.

الحاجة إلى إجراء معالجة سريعة

في حالة حدوث جلطة دماغية، فإن كل دقيقة تمر من دون علاج تتسبب في موت نحو 2 مليون خلية دماغية .
إن نافذة الوقت التي يمكن خلالها إجراء علاج منذ لحظة ظهور علامات الجلطة الدماغية لا تتجاوز الأربعة ساعات ونصف من أجل القيام بعلاج دوائي، وإلى نحو ثمانية ساعات من أجل الشروع في علاج جراحي (القسطرة الدماغية العاجلة).
إن سرعة الوصول إلى المستشفى بعد ظهور علامات الجلطة الدماغية هي أمر شديد المصيرية من أجل إنقاذ المريض ومن أجل ضمان خروجه من المستشفى من دون إصابته بالإعاقة.
من الجدير، بمكان، الإشارة إلى أن الجلطات الدماغية غير مؤلمة. إذ أن المصاب نفسه في بعض الأحيان لا يستطيع استدعاء المساعدة، وهو في بعض الأحيان لا يكون قادرا على الحديث، كما أنه في أحيان آخرى، لا يعرف أصلا بأنه يعاني من جلطة. حين تظهر علامات شديدة للجلطات الدماغية، يتوجب الوصول بشكل فوري إلى غرفة الإنعاش واجتياز الفحوصات اللازمة من أجل الخضوع للعلاج العاجل.

علامات تحذيرية ينبغي على الجميع التعرف عليها

من المهم أن نذكّركم بالعلائم التحذيرية التي تشير إلى وجود جلطات دماغية يترتب عليها أن تضيء علائم الخطر لديكم، هذه علائم تعني أن عليكم استدعاء سيارة إسعاف والوصول فورا إلى المستشفى:

  1. الضعف أو الشلل المفاجئ اللذان قد يظهران بشكل عام على أحد جانبي الجسد: في الوجه، في اليد و/أو في القدم، في أحد الجانبين. هذه هي العلامة الأكثر انتشارا. ويمكن لها أن تبدو واضحة أثناء السير أو أثناء استخدام اليد، أو في انعدام الشعور في المنطقة المصابة.
  2. عدم القدرة على الحديث أو فهم الحديث بشكل مفاجئ: هذه ظاهرة يمكن أن تظهر لوقت شديد القصر: لمدة دقيقة واحدة تشعرون فيها أنكم قد "علقتكم" أثناء الحديث. وحتى لو مضت هذه الظاهرة بسرعة، فعليكم التعامل معها باعتبارها واحدة من علائم الخطر.
  3. تشوّش في الرؤية، تتمثل في رؤية مفاجئة للظلام، في حقل الرؤية، وشعورٌ ما يشبه مشاهدة شاشة مظلمة في واحدة من العينين، هنالك ظاهرة أخرى قد تتمثل في الحول المفاجئ.
  4. الضرر الذي يصيب الاتساق بين أعضاء الجسد أو الاستقرار في المشي بشكل مفاجئ.
  5. فقدان الوعي (وهو أكثر انتشارا أثناء حالات النزيف الدماغي).

الطريقة لمنع السكتة الدماغية العابرة أو الجلطات الدماغية في المستقبل هي الحفاظ على نمط حياة صحي

الحفاظ على نمط حياة صحي، وهو ما يعد في الطب الطريقة الأكثر صحية والأكثر توازنا من أجل الوقاية القصوى ومنع عوامل المخاطرة بالإصابة بأمراض القلب وأمراض الأوعية الدموية في الدماغ.

  • من المهم الالتزام بنمط تغذية تقل فيه الدهون المشبعة (كاللحوم الحمراء، الزبدة، المارجرين، البيض، والأجبان عالية الدسم)، وتفضيل الأطعمة الثرية بالدهون غير المشبعة (كزيت الزيتون، الأفوكادو، الطحينة، وجوز الملك)، وينبغي الحفاظ على معايير LDL (الدهن السيئ) تحت الـ 100 ملغرام/ لكل ديسي لتر ، ولمرضى السكري، فإننا ننصح بالحفاظ على منسوب تحت الـ 70 ملغرام /لكل ديسي لتر.

  • النشاط البدني ضروري من أجل الحفاظ على الصحة، حيث أن النشاط الأكثر فعالية لهذا الغرض هو التمارين الإيروبية المعتدلة (المشي السريع، السباحة، ركوب الدراجات الهوائية، وغيرها)، لمدة ثلاثين دقيقة، لثلاثة مرات في الأسبوع على الأقل.

  • ارتفاع ضغط الدم هو أحد عوامل الخطر الرئيسية للجلطة الدماغية. يجب إجراء فحوصات ضغط الدم، ومراقبته وموازنته إذا ما استدعت الحاجة (خصوصا لدى من يعانون من السمنة المفرطة أو أولئك الذين يستهلكون الكحول، والذين لا يمارسون نشاطا بدنيا، والمصابون بالسكري أو أولئك الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بالمرض).
  • إجراء قياسات لمستويات السكر في الدم، ومراقبتها والقيام بموازنتها إن استدعت الحاجة. إن عدم توازن السكري في الدم تعد هي الأخرى عامل خطر قد يؤدي إلى التسبب بالضرر وسد الشرايين الصغيرة بشكل أساسي داخل الدماغ وداخل الأعضاء الأخرى، وبذا فإن السكري بإمكانه أن يتسبب في انسدادات صغيرة في الدماغ من دون الإحساس بها، ويطلق عليها إسم "الانسدادات الصامتة".
  • متابعة الرجفان الأذيني، والتعالج بمضادات التجلّط. ويؤدي إلى انقباض القلب بشكل سريع وغير منتظم. وبسبب ذلك، فإن تدفق الدم في القلب يرتفع ويطرأ انخفاض عام في تدفق الدم بين حجيرات القلب وأذيناته. والدم الذي لا يتدفق يميل إلى التجلط ويسحبه الدم أثناء تدفقه نحو الدماغ، والتسبب في حدوث جلطة دماغية.

نظن أنك قد تكون مهتم