سواء كنتِ قبل الولادة أو بعدها، نودّ التحدث قليلاً عن الرضاعة الطبيعية وأهميتها، وتقديم بعض النصائح التي قد تُسهّل وتُساعد كل أم ترغب في تجربة الرضاعة الطبيعية والاستمتاع بها.
تهانينا! قد تكونين على وشك الولادة، أو ربما ولدتِ للتو، وربما يكون هذا الطفل الثاني أو الثالث. لا يهم بالضبط في أي نقطة من الزمن أنتِ - أنتِ الآن أم! كأم، إحدى أول القرارات التي ستواجهينها هي تغذية طفلك - هل سترضعيه، أم ستطعميه الحليب الصناعي، أم ستجمعين بين الاثنين؟ هذا القرار ليس سهلاً، يرافقه عبء عاطفي ثقيل من هنا وهناك. نحن هنا لنخبرك قليلاً عن الرضاعة الطبيعية، ونقدم لك بعض الأمور التي ستساعدك في التحضير والفهم، نقاط يجب أن تأخذيها بعين الاعتبار.
بعد الولادة مباشرة، لا يحتوي الثدي على حليب، بل على سائل لزج يميل إلى اللون الأصفر يُعرف باللبأ. يُطلق على اللبأ أحياناً اسم "الذهب السائل"، وهو يأتي بكميات صغيرة جداً لكنه يحتوي على كل ما يحتاجه الطفل في أيامه الأولى - من مضادات وفيتامينات التي ستساعد و تحمي الطفل أثناء انتقاله من الرحم المعقم إلى العالم الخارجي. في الأيام الأولى للطفل، يحتاج فقط إلى كميات صغيرة من اللبأ، حيث تكون معدته صغيرة ولا تتطلب سوى بضع سنتيمترات. في كثير من الأحيان، ينام الطفل لفترات طويلة في الليلة الأولى ولا يرضع كثيراً، لأنه يكون قد مر بتجربة طويلة ومرهقة ويحتاج إلى الراحة.
بين اليوم الثاني والثالث بعد الولادة، ستلاحظين ظاهرة تُعرف باسم "طفرة النمو". في هذه الليلة، قد يتحول الطفل الذي كان ينام جيداً بالأمس إلى طفل لا ينام على الإطلاق. كل ما سيريده هو الرضاعة طوال النهار والليل. غالباً ما تكون هذه أول أزمة تواجهك في الرضاعة الطبيعية، وهي بالضبط النقطة التي قد تسمعين فيها تعليقات من حولك عن مدى جوع الطفل، وقد تشعرين بالإحباط من عبارات تشير إلى عدم وجود كمية كافية من الحليب لديك، وقد يحاول البعض إقناعك بإعطاء زجاجة الحليب مقابل الحصول على بعض الراحة. هذه هي المرة الأولى التي قد تشعرين فيها بالقلق والتردد، وتعيدين التفكير في قرارك بالرضاعة الطبيعية. هذا هو الوقت لأخذ نفس عميق وتذكير نفسك بأن هذا طبيعي تماماً. الطفل بهذه الطريقة يشير إلى جسمك بضرورة إنتاج المزيد من الحليب، لأن اللبأ لم يعد كافياً له.
وفي اليوم الثالث بعد الولادة، يتدفق الحليب بكمية كبيرة، مثل اندفاع الفيضان. سيزداد حجم ثديك بشكل ملحوظ، ويصبح قاسياً وقد يسبب لك بعض الألم. خلال هذه الفترة، يجب أن تركزين على الرضاعة الطبيعية قدر المستطاع. إذا كان الطفل يواجه صعوبة في الالتصاق بالثدي، يمكنك شفط بعض الحليب يدوياً (من الأفضل عدم استخدام المضخة التي تحفز إنتاج المزيد من الحليب، وهو شيء لا تحتاجينه الآن). تذكري أن هذا الوضع قد يكون غير مريح ويعيق النوم والحركة، لكنه سيستمر فقط لمدة 24-48 ساعة، وسيعود حجم ثديك إلى شكله الطبيعي.
في هذه المرحلة، من المتوقع أن يتخلص الطفل من العقي، وهو البراز الأولي الأسود واللزج جدًا. سيتغير لون البراز تدريجيًا إلى الأخضر، ثم بحلول اليوم الرابع أو الخامس سيصبح أصفر (خردلي إلى حد ما).
من الآن وحتى عمر شهر، يمكنك التأكد من أن كمية الحليب كافية من خلال عدة مؤشرات:
من عمر شهر إلى شهر ونصف، يمكنك التأكد من كمية الحليب من خلال:
بالنسبة للطفل الذي يرضع، يمكن أن تتراوح كمية الحفاضات التي تحتوي على براز بين عشرة حفاضات متسخة يوميًا وبين براز مرة كل عشرة أيام. طالما أن الطفل ليس في حالة ضيق ولا يشعر بالألم والبراز ليس صلبًا، فإن كلا الحالتين تعتبران طبيعيتين تمامًا.
بعد أن تخطيتي طفرة النمو الأولى، من المتوقع أن تواجهي المزيد من التغييرات في المستقبل (يرجى ملاحظة - هذه الفترات غير ثابتة وقد تختلف قليلاً): في سن 7 أيام، 10-14 يومًا، 3 أسابيع، 6 أسابيع، 3 أشهر، 6 أشهر، سنة، سنة ونصف، ومرحلة البلوغ...
تذكري، في كل طفرة نمو جديدة، سيحتاج الطفل إلى المزيد من الرضاعة لزيادة إنتاج الحليب الذي يتلاءم مع احتياجاته المتغيرة. سيكون لديه رغبة في الرضاعة طوال النهار والليل، وقد يُظهر بعض الانزعاج أو التقلبات في المزاج.
استخدام الزجاجة لتغذية الطفل لن يزيد من إنتاج الحليب من قبل الجسم، لذا من الأفضل توفير بيئة مريحة للطفل خلال هذه الفترة الحساسة. حاولي العثور على كرسي مريح، ووضع خطة لمشاهدة التلفاز، وتجهيز الطعام والشراب بشكل كافٍ، وخلع القميص والجلوس مع الطفل للاستمتاع باللحظات الجميلة معًا. كلما كنت أكثر استرخاءً وتقبلًا للوضع الحالي، كلما مرت الـ 24 ساعة من طفرة النمو بشكل أسهل وأكثر متعة.
حتى عمر 3-4 أشهر، من المتوقع أن يشهد الطفل زيادة في الوزن بمتوسط لا يقل عن 150 غرامًا أسبوعيًا، حيث تتراوح المتوسطات بين 250 غرامًا إلى 500-600 غرامًا أو أكثر، وهذا طبيعي تمامًا في فترة الرضاعة. بعد هذه الفترة، تبدأ زيادة الوزن في التباطؤ بشكل ملحوظ لدى الرضّع. بالنسبة للأطفال الرضع الذين يرضعون حليبًا صناعيًا، تكون زيادة الوزن والطول منتظمة، حيث يتم قياسها شهرياً. أما بالنسبة للأطفال الرضع الذين يتغذون على الحليب الطبيعي، فإن الأمر يختلف قليلاً، حيث يمكن أن يحدث زيادة في الطول دون زيادة في الوزن، أو العكس، أو حتى زيادة في الوزن والطول معًا في بعض الشهور، وهذا أمر طبيعي. طالما كان الطفل هادئًا ويتبول بشكل منتظم، ولا يفقد وزنه، ويتطور بشكل جيد، فهذا يعني أنه يتلقى كمية كافية من الحليب. في حال كان الطفل يرضع طبيعيًا فقط، يمكنك الطلب من مركز رعاية الأم والطفل ان يقيسوا الطفل نسبةُ للأطفال الذين يرضعون طبيعيًا، والتي قد تكون مختلفة قليلاً عن النسب العامة بسبب عدم انتظام زيادة الوزن لدى الرضّع.
في بداية حياة الطفل، يتناول الرضيع الطعام بانتظام كل ساعة ونصف إلى ثلاث ساعات. تُقاس الدورة من بداية الرضاعة الاولى إلى بداية الرضاعة التالية. في البداية، قد تشعرين بأن كل ما تفعلينه هو الرضاعة، وكل ما يفعله هو الشرب والبلع وإفراغ أمعائه. تنتهي هذه الفترة بسرعة كبيرة، ويبدأ الرضيع في الرضاعة بشكل أكثر فعالية. يستغرق الأمر حوالي شهر ونصف لتثبيت إنتاجية الحليب. حتى الآن، كان الحليب يتشكل بشكل ثابت، حيث يحتفظ الثدي به كمخزن، ولذلك كنتِ تشعرين بالامتلاء المفرط أحيانًا وتسرب الحليب (خاصة عندما يقوم الطفل بأشياء مفاجئة مثل النوم لساعات طويلة). الآن سيبدأ الحليب في التكوُّن حسب الطلب خلال فترة الرضاعة وفي الأوقات التي يُدرك فيها الجسم وجود رضاعات منتظمة. هذا التكيف يجعلكِ لا تشعرين بالامتلاء بنفس الطريقة كما في السابق. وهذا لا يعني أبدًا أن الحليب ليس كافيًا - لديكِ كمية كافية من الحليب!
في فترة المساء، يعاني العديد من الأطفال الرضع من الغازات. يصبحون أكثر عصبية، ويتحركون بشكل متواصل، ويبكون. المص يساعد في تخفيف الغازات وتشجيع حركة الأمعاء، لذا ينصح بالرضاعة الطبيعية.
في الوقت نفسه، ستبدأين في ملاحظة نمطًا من الرضاعة المكثفة في فترة المساء. يُعرف هذا بالرضاعة التراكمية، وهي في الواقع آلية للطفل لتخزين الطعام في المعدة لكي ينام لفترة طويلة (نسبياً).
العبارة التي يتكرر سماعها كثيرًا هي "الرضاعة الجيدة لا تؤلم". هذا مبدأ صحيح بشكل عام، ولكن عليك أن تعلمي أنه في الأيام الأولى قد تشعرين بحساسية في الحلمات. إذا كان الألم يحدث فقط في بداية الرضاعة والتثبيت، ويزول بسرعة - فهذا جيد، وسوف يتلاشى في الأيام القادمة بمجرد أن تتعودين على الرضاعة.
إذا كانت الرضاعة مؤلمة طوال الوقت أو إذا حدثت جروح أو تشققات، فلا تترددي في طلب المساعدة من مستشارة الرضاعة. معظم هذه الآلام والتشققات ستتلاشى بسرعة عندما يرشدك أحد المتخصصين إلى كيفية تصحيح طريقة إمساك الطفل لثديك ويساعدك في إيجاد وضعيات مريحة لكما. على الرغم من أنه أمر طبيعي، أنتِ وطفلك تحتاجان إلى هذا الوقت للتأقلم مع بعضكما. من الأفضل أن تكوني مستعدة مسبقًا وتحتفظي برقم مستشارة الرضاعة لأي مشكلة قد تواجهينها في المستقبل.
عدم قيام الطفل بالتبول مرة كل ستة ساعات على الأقل.
إفراط الطفل في البكاء.
اللامبالاة وعدم التفاعل مع المحيط لدى الطفل.